تاريخ ابن خلدون (صفحة 4632)

فالمقضب [1] ، فوده [2] يخضب، والأسمر، غصنه يستثمر، والمغفر [3] ، حماه يخفر، وظهور القسيّ تقصم [4] ، وعصم الجند الكوافر تفصم [5] ، وورق اليلب [6] في المنقلب يسقط، والبيض تكتب والسّمر تنقط [7] ، فاقتحم الربض الأعظم لحينه، وأظهر الله لعيون المبصرين والمستبصرين عزّة دينه، وتبرّأ الشيطان من خدينه [8] ، ونهب الكفّار وخذلوا، وبكلّ مرصد جدّلوا، ثمّ دخل البلد بعده غلابا، وجلّل [9] قتلا واستلابا، فلا تسل إلا الظّبا [10] والأسل [11] عن قيام ساعته، وهول يومها وشناعته، وتخريب المبائت [12] والمباني، وغنى الأيدي من خزائن تلك المغاني، ونقل الوجود الأول الى الوجود الثّاني [13] ، وتخارق السّيف فجاء بغير المعتاد، ونهلت القنا الرّدينيّة من الدّماء، حتى كادت تورق كالأغصان المغترسة والأوتاد، وهمت أفلاك القسيّ وسحّت، وأرنّت حتى بحّت، ونفدت موادّها فشحّت، مما ألحّت، وسدّت المسالك جثث القتلى فمنعت العابر، واستأصل الله من عدوه الشّأفة وقطع الدّابر [14] ، وأزلف الشّهيد وأحسب الصّابر [15] ، وسبقت رسل الفتح الّذي لم يسمع بمثله في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015