ووردت من غدر المزن في برود [1] ، وأشرعت لاقتطاف أزهار النجوم والذراع بين النطاق معاصم رود [2] ، وبلدا يحيي الماسح والذارع [3] ، وينظم المحاني والأجارع [4] ، فقلنا: اللَّهمّ نفّله أيدي عبادك، وأرنا فيه آية من آيات جهادك، ونزلنا بساحتها العريضة المتون، نزول الغيث الهتون، وتيمّنّا من فحصها بسورة «التين والزّيتون» ، متبرئة من أمان الرحمان للبلد المفتون، وأعجلنا الناس بحميّة نفوسهم النفيسة، وسجيّة شجاعتهم البئيسة [5] ، عن أن تبوّأ [6] للقتال المقاعد [7] ، وتدني بأسماع شهير النفير منهم الأباعد، وقبل أن يلتقي الخديم بالمخدوم، ويركع المنجنيق ركعتي القدوم، فدفعوا من أصحر إليهم من الفرسان.
وسبق إلى حومة الميدان [8] ، حتى أحجروهم في البلد، وسلبوهم لباس الجلد [9] ، في موقف يذهل الوالد عن الولد، صابت السّهام فيه غماما [10] ، وطارت كأسراب الحمام تهدى حماما [11] ، وأضحت القنا قصدا [12] ، بعد أن كانت شهابا رصدا، وماج بحر القتام [13] بأمواج النّصول، وأخذ الأرض الرجفان لزلزال الصّياح الموصول، فلا ترى إلّا شهيدا تظلّل مصرعه الحور [14] ، وصريعا تقذف به الى الساحل تلك البحور، ونواشب [15] تبأى [16] بها الوجوه الوجيهة عند الله والنّحور،