تاريخ ابن خلدون (صفحة 4613)

، فأهلا به من عربيّ أبيّ يصف السّانح والبانة [1] ، ويبين فيحسن الإبانة، أدّى الأمانة، وسئل عن حيّه فانتمى إلى كنانة [2] ، وأفصح وهو لا ينبس [3] ، وتهلّلت قسماته وليل حبره يعبس، وكأنّ خاتمه المقفل على صوانه [4] ، المتحف بباكر الورد في غير أوانه، رعف من مسك عنوانه، وللَّه من قلم دبّج تلك الحلل، ونقع بمجاج [5] الدوّاة المستمدّة من عين الحياة الغلل [6] ، فلقد تخارق في الجود، مقتديا بالخلافة التي خلد فخرها في الوجود، فجاد بسرّ البيان ولبابة، وسمح في سبيل الكرم حتّى بماء شبابه، وجمع لفرط بشاشته وفهامته، بعد شهادة السّيف بشهامته، فمشى من التّرحيب، في الطّرس الرّحيب، على أم هامته.

وأكرم به من حكيم، أفصح بملغوز [7] الإكسير [8] ، في اللّفظ اليسير، وشرح بلسان الخبير، سرّ صناعة التّدبير [9] ، كأنما خدم الملكة السّاحرة [10] بتلك البلاد، قبل اشتجار الجلاد [11] ، فآثرته بالطّارف من سحرها والتّلاد، أو عثر بالمعلّقة، وتيك القديمة المطلّقة، بدفية دار، أو كنز تحت جدار، أو ظفر لباني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015