جماعة من قومه، فقبض عليه وعلى ابنه موسى وإخوته محمد وفضل ابني مهنا. وبعث بهم إلى مصر فحبسوا بها حتى أفرج عنهم العادل كتبغا عند ما جلس على التخت سنة أربع وتسعين وستمائة، ورجع إلى إمارته. وكان له في أيام الناصر نصرة واستقامة وميلة إلى ملوك التتر بالعراق، ولم يحضر شيئا من وقائع غازان. ولما فرّ أسفر وأقوش الأفرم [1] وأصحابهما سنة عشر وسبعمائة لحقوا به، وساروا من عنده إلى خرشد [2] واستوحش هو من السلطان وأقام في أحيائه منقبضا عن الوفادة.
ووفد أخوه فضل سنة اثنتي عشرة وسبعمائة فرعا له حق وفادته، وولاه على العرب مكان أخيه مهنا، وبقي مهنا مشردا. ثم لحق سنة ست عشرة وسبعمائة بخرشد ملك التتر فأكرمه وأقطعه بالعراق. وهلك خرشد في تلك السنة فرجع مهنا إلى أحيائه، ووفد ابنه أحمد وموسى وأخوه محمد بن عيسى مستعتبين على الناصر ومتطارحين عليه، فأكرم وفادتهم وأنزلهم بالقصر الأبلق، وشملهم بالإحسان وأعتب مهنا وردّه إلى إمارته وأقطاعه، وذلك سنة سبع عشرة وسبعمائة وحج هذه السنة ابنه عيسى وأخوه محمد وجماعة من آل فضل في اثني عشر ألف راحلة. ثم رجع مهنا إلى دينه في ممالأة التتر والاجلاب على الشام. واتصل ذلك منه فنقم السلطان عليه، وسخط عليه قومه أجمع. وتقدم إلى أبواب الشام سنة عشرين وسبعمائة بعد مرجعه من الحج، فطرد آل فضل عن البلاد وأدال منهم مالكا على عدالته بينهم [3] وولى منهم على أحياء العرب محمد بن أبي بكر، وصرف أقطاع مهنا وولده إلى محمد وولده فأقام مهنا على ذلك مدّة.
ثم وفد سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة مع الأفضل بن المؤيد صاحب حماة متوسلا به ومتطارحا على السلطان، فأقبل عليه وردّ عليه أقطاعه وإمارته.
(وذكر لي) بعض أمراء الكبراء [4] بمصر فيمن أدرك وفادته أو حدث بها: أنه تجافى في هذه الوفادة من قبول شيء من السلطان، حتى أنه ساق عنده النياق الحلوبة