تاريخ ابن خلدون (صفحة 3442)

محمد بن ملك شاه سنة خمسمائة وما بعدها، ووقعت بينهما الفتنة اجتمع له فضل هذا وقرواش بن شرف الدولة ومسلم بن قريش صاحب الموصل وبعض أمراء التركمان، كانوا كلهم أولياء صدقة، فصار في الطلائع بين يدي الحرب، وهربوا إلى السلطان فأكرمهم وخلع عليهم، وأنزل فضل بن ربيعة بدار صدقة بن مزيد ببغداد حتى إذا سار السلطان لقتال صدقة، واستأذنه فضل في الخروج إلى البرية ليأخذ بحجزة صدقة فأذن له وعبر إلى الأنبار، فلم يراجع السلطان بعدها انتهى كلام ابن الأثير.

ويظهر من كلامه وكلام المسبحي أن فضلا هذا وبدرا من آل جراح بلا شك.

ويظهر من سياقة هؤلاء نسبهم أنّ فضلا هذا هو جدهم لأنهم ينسبونه: فضل بن ربيعة بن الجراح. فلعل هؤلاء نسبوا ربيعة إلى مفرج الّذي هو كبير بني الجراح لبعد العهد وقلة المحافظة على مثل هذا من البادية القفر [1] .

وأما نسبة هذا الحي من آل فضل بن ربيعة بن فلاح من مفرج في طيِّئ، فبعضهم يقول: إن الرئاسة في طيِّئ كانت لأياس بن قبيصة من بني سبإ بن عمرو بن الغوث من طيِّئ، وإياس هو الّذي ملكه كسرى على الحيرة بعد آل المنذر لما قتل النعمان بن المنذر، وهو الّذي صالح خالد بن الوليد عن الحيرة على الجزية. ولم تزل الرئاسة على طيِّئ إلى بني قبيصة هؤلاء صدرا من دولة الإسلام. فلعل بني الجراح وآل فضل هؤلاء من أعقابهم، وإن كان انقرض أعقابهم فهم من أقرب الحي إليهم، لأن الرئاسة على الأحياء والشعوب إنما تتصل في أهل العصبية والنسب كما مر أول الكتاب.

(وقال ابن حزم) عند ما ذكر أنساب طيِّئ وأنهم لما خرجوا من اليمن مع بني أسد نزلوا جبلي أجا وسلمى، وأوطنوهما وما بينهما، ونزل بنو أسد ما بينهم وبين العراق. وفضل كثير منهم وهم: بنو حارثة نسبة إلى أمهم [2] ، وتيم الله، وحبيش، والأسعد إخوتهم رحلوا على الجبلين في حرب الفساد فلحقوا بحلب، وحاضر طيِّئ وأوطنوا تلك البلاد إلا بني رومان بن جندب بن خارجة بن سعد، فإنّهم أقاموا بالجبلين فكانوا جبليين [3] ولأهل حلب وحاضر طيِّئ من بني خارجة السهيليون انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015