تاريخ ابن خلدون (صفحة 3425)

وعش الحرابة ورصد السابلة وأناخ عليها بجموعه أربعين فحاصرها حتى نزلوا على حكمه وقتل من قتل منهم ثم خربها وأقفرها وانتشرت عساكره في ديار بكر إلى الرها ووقفوا عليها ساعة من نهار فملكوها وانتسفوا نعمها وافترق أهلها وبلغ الخبر إلى السلطان فخيم بالزيدانية أياما أزاح فيها علل عساكره وأفاض العطاء في مماليكه واستوعب الحشد من سائر أصناف الجند واستخلف على القاهرة النائب سودون وارتحل إلى الشام على التعبية ومعه أحمد بن أويس بعد أن كفاه مهمه وشرب النفقات في تابعه وجنده ودخل دمشق آخر جمادى الأولى وقد كان أوعز إلى جلبان صاحب حلب بالخروج إلى الفرات واستنفار العرب والتركمان للإقامة هناك رصدا للعدو فلما وصل إلى دمشق وفد عليه جلبان وطالعة بمهماته وما عنده من أخبار القوم ورجع لإنفاذ أوامره والفصل فيما يطالعه فيه وبعث السلطان على أثره العساكر مددا له مع كمشيقا الأتابك وتكلتمش أمير سلاح وأحمد بن بيبقا وكان العدو تمر قد شغل بحصار ماردين فأقام عليها أشهرا وملكها وعاثت عساكره فيها واكتسحت نواحيها وامتنعت عليه قلعتها فارتحل عنها إلى ناحية بلاد الروم ومرّ بقلاع الأكراد فأغارت عساكره عليها واكتسحت نواحيها والسلطان لهذا العهد وهو شعبان سنة ستمائة وتسعين مقيم بدمشق مستجمع لنطاحه والوثبة به متى استقبل جهته والله سبحانه وتعالى وليّ التوفيق بمنه وكرمه

.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015