ورجع تمر إلى مملكته الأولى وطمع طغطمش ملك الشمال من بني دوشي خان في انتزاع توريز من يد ذلك الثائر فسار إليها وملكها وزحف تمر في عساكره سنة سبع وثمانين إلى أصبهان وبعث العساكر إلى توريز فاستباحها وخربها واستولى على تستر والسلطانية وانتظمهما في أعماله وانفرد أحمد ببغداد وأقام بها.
كان تمر سلطان المغل بعد أن استولى على توريز خرج عليه خارج من قومه في بلاده يعرف بقمر الدين فجاءه الخبر عنه وأنّ طغطمش صاحب كرسي صراي في الشمال أمدّه بأمواله وعساكره فكرّ راجعا من أصبهان إلى بلاده وعميت أنباؤه إلى سنة خمس وسبعين ثم جاءت الأخبار بأنه غلب قمر الدين الخارج عليه ومحا أثر فساده ثم استولى على كرسيّ صراي وأعمالها ثم خطى إلى أصبهان وعراق العجم والريّ وفارس وكرمان فملك جميعها من بني المظفر اليزدي بعد حروب هلك فيها ملوكهم وبادت جموعهم وشد أحمد ببغداد عزائمه وجمع عساكره وأخذ في الاستعداد ثم عدل إلى مصانعته ومهاداته فلم يغن ذلك وما زال تمر يخادعه بالملاطفة والمراسلة إلى أن فتر عزمه وافترقت عساكره فنهض إليه يغذ السير في غفلة منه حتى انتهى إلى دجلة وسبق النذير إلى أحمد فأسرى بغلس ليلة وحمل ما أقلته الرواحل من أمواله وذخائره وخرّق سفن دجلة ومرّ بنهر الحلة فقطعه وصبح مشهد علي ووافى تمر وعساكره دجلة في حادي عشر شوّال سنة خمس وتسعين ولم يجد السفن فاقتحم بعساكره النهر ودخل بغداد واستولى عليها وبعث العساكر في إتباع أحمد فساروا إلى الحلة وقد قطع جسرها فخاضوا النهر عندها وأدركوا أحمد بمشهد علي واستولوا على أثقاله ورواحله فكر عليهم في جموعه واستماتوا وقتل الأمير الّذي كان في إتباعه ورجع بقية التتر عنهم ونجا أحمد إلى الرحبة من تخوم الشام فأراح بها وطالع نائبها السلطان بأمره فسرّح بعض خواصه لتلقيه بالنفقات والأزواد وليستقدمه فقدم به إلى حلب وأراح بها وطرقه مرض أبطأ به عن مصر وجاءت الأخبار بأن تمرعاث في مخلفه واستصفى ذخائره واستوعب موجود أهل بغداد بالمصادرات لأغنيائهم وفقرائهم حتى مستهم الحاجة وأقفرت جوانب بغداد من العيث ثم قدم أحمد بن أويس على السلطان بمصر في شهر ربيع سنة ست وتسعين مستصرخا به على طلب ملكه والانتقام من عدوّه فأجاب السلطان صريخه ونادى في عسكره بالتجهز إلى الشام وقد كان تمر بعد ما استولى على بغداد زحف في عساكره إلى تكريت مأوى المخالفين