ببغداد وعظمت الفتنة وشخص المأمون من خراسان متلافيا أمر العراق، وهلك عليّ بن موسى في طريقه فجأة، ودفن بطوس سنة ثلاث ومائتين. ووصل المأمون إلى بغداد سنة أربع، وقبض على عمّه إبراهيم وعفا عنه وسكن الفتنة. (وفي سنة تسع) بعدها خرج باليمن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب يدعو للرّضا من آل محمد، وبايعه أهل اليمن، وسرّح إليه المأمون مولاه دينارا، واستأمن له فأمّنه وراجع الطاعة. (ثم كثر خروج الزيدية) من بعد ذلك بالحجاز والعراق والجبال والديلم وهرب إلى مصر خلق، وأخذ منهم خلق، وتتابع دعاتهم. (فأوّل) من خرج منهم بعد ذلك محمد بن القاسم بن عليّ بن عمر بن زين العابدين، هرب خوفا من المعتصم سنة تسع عشرة ومائتين، وكان بمكان من العبادة والزهد فلحق بخراسان، ثم مضى إلى الطالقان ودعا بها لنفسه، واتبعته أمم الزيدية كلهم. ثم حاربه عبد الله بن طاهر صاحب خراسان فغلبه وقبض عليه، وحمله إلى المعتصم فحبسه حتى مات، ويقال إنه مات مسموما (ثم خرج) من بعده بالكوفة أيضا الحسين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسين الأعرج بن علي ابن زين العابدين، واجتمع إليه الناس من بني أسد وغيرهم من جموعه وأشياعه، وذلك سنة إحدى وخمسين ومائتين، وزحف إليه ابن شيكال [1] من أمراء الدولة فهزمه، ولحق بصاحب الزنج فكان معه، وكاتبه أهل الكوفة في العود إليه، وظهر عليه صاحب الزنج فقتله. وكان خروج صاحب الزنج بالبصرة قبله بقليل، واجتمعت له جموع العبيد من زنج البصرة وأعمالها، وكان يقول في لفظة من أعلمه أنه من ولد عيسى بن زيد الشهيد وأنه عليّ بن محمد بن زيد بن عيسى. ثم انتسب إلى يحيى بن زيد الشهيد، والحق أنه دعيّ في أهل البيت كما نذكره في أخباره.
وزحف إليه الموفّق أخو المعتمد ودارت بينه وبينهم حروب إلى أن قتله، ومحا أثر تلك الدعوة كما قدّمناه في أخبار الموفّق ونذكره في أخبارهم. (ثم خرج في الديلم) من ولده الحسن بن زيد بن الحسن السبط الداعي المعروف بالعلوي، وهو الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن خرج لخمس وخمسين فملك طبرستان وجرجان وسائر أعمالها، وكانت له ولشيعته الزيدية دولة هناك. ثم انقرضت آخر المائة الثالثة،