رحمه الله. وسارت عساكر التتر إلى الموصل فحاصروا الصالح إسماعيل سبعة أشهر، وملكوها عليه عنوة، وقتل رحمه الله. وتطلّب السلطان بمصر الملك الظاهر بعده آخر من أهل هذا البيت يقيم برسم الخلافة الإسلامية، وبينما هو يسائل الركبان عن ذلك، إذ وصل رجل من بغداد ينسب إلى الراشد بن المسترشد. قال صاحب حماة في تاريخه عن نسّابة مصر: إنه أحمد بن حسن بن أبي بكر ابن الأمير أبي عليّ ابن الأمير حسن بن الراشد. وعند العبّاسيين السليمانيين في درج نسبهم الثابت أنه أحمد بن أبي بكر بن عليّ بن أحمد بن الإمام المسترشد. انتهى كلام صاحب حماة. ولم يكن في آبائه خليفة فيما بينه وبين الراشد. وبايع له بالخلافة الإسلامية ولقبه الحاكم، وفوّض هو إليه الأمور العامّة والخاصة. وخرج هو له عن العهدة وقام حافظا لسياج الدين بإقامة رسم الخلافة. وعمرت بذكره المنابر وزيّنت باسمه السكّة، ولم يزل على هذا الحال أيام الظاهر بيبرس وولديه بعده. ثم أيام الصالح قلاون وابنه الأشرف، وطائفة من دولة ابنه الملك الناصر محمد بن قلاون إلى أن هلك سنة إحدى وسبعمائة، ونصّب ابنه أبو الربيع سليمان للخلافة بعده ولقبه المستكفي. وحفظ به الرسم وحضر مع السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون للقاء التتر في النوبتين اللتين لقيهم فيها، فاستوحش منه السلطان بعض أيامه وأنزله بالقلعة، وقطعه عن لقاء الناس عاما أو نحوه. ثم أذن له في النزول إلى بيته ولقائه الناس إذا شاء، وكان ذلك سنة ست وثلاثين. ثم تجدّدت له الوحشة وغرّبه إلى قوص سنة ثمان وثلاثين، ثم هلك الخليفة أبو الربيع سنة أربعين قبل مهلك الملك الناصر رحمهما الله تعالى. وكان عهد بالخلافة لابنه أحمد فبويع له ولقّب الحاكم.
ثم بدا للسلطان في إمضاء عهد أبيه بذلك فعزله، واستبدل منه بأخيه إبراهيم ولقبه الواثق. وكان مهلك الناصر لأشهر قريبة من ذلك، فأعادوا أحمد الحاكم وليّ عهد أبيه سنة إحدى وأربعين، وأقام في الخلافة إلى سنة ثلاث وخمسين. وهلك رحمه الله فولي من بعده أخوه بكر ولقّب المعتضد، ولم يزل مقيما لرسم الخلافة إلى أن هلك لعشرة أعوام من خلافته سنة ثلاث وستين، ونصّب بعده ابنه محمد ولقّب المتوكّل فأقام برسم الخلافة، وحضر مع السلطان الأشرف شعبان بن حسين بن الملك الناصر عام انتقض عليه الترك في طريقه إلى الحجّ. وفسد أمره ورجع الفلّ إلى مصر، وطلبه أمراء الترك في البيعة له بالسلطنة مع الخلافة فامتنع من ذلك. ثم