تاريخ ابن خلدون (صفحة 1456)

وأقام أياما فلما ودّعه قال: إني سائلك ثلاثا قال: هنّ لك، قال: ترد عليّ عملي ولا تغضب وتهب لي مالك بعرفة ودورك بمكّة. قال: قد فعلت. قال: وصلتك رحم، فقال ابن عامر: وإني سائلك ثلاثا ترد عليّ عملي بعرفة ولا تحاسب لي عاملا ولا تتبع لي أثرا وتنكحني ابنتك هندا. قال: قد فعلت! ويقال: إنّ معاوية خيّره بين أن يردّه على اتباع أثره وحسابه بما سار إليه أو يعزله ويسوغه ما أصاب فاختار الثالثة فعزله وولّى مكانه الحرث ابن عبد الله الأزدي [1]

استخلاف زياد

كانت سميّة أم زياد مولاة للحرث بن كندة الطبيب وولدت عنده أبا بكرة ثم زوّجها بمولى له وولدت زيادا وكان أبو سفيان قد ذهب إلى الطائف في بعض حاجاته فأصابها بنوع من أنكحة الجاهلية وولدت زيادا هذا، ونسبه [2] إلى أبي سفيان وأقرّ لها به، إلّا أنه كان بخفية، ولما شبّ زياد سمت به النجابة واستكتبه أبو موسى الأشعريّ وهو على البصرة، واستكفاه عمر في أمر فحسن منار دينه وحضر عنده يعلمه بما صنع، فأبلغ ما شاء في الكلام فقال عمرو بن العاص وكان حاضرا للَّه هذا الغلام، لو كان أبوه من قريش لساق العرب بعصاه. قال أبو سفيان وعليّ يسمع: والله إني لأعرف أباه ومن وضعه في رحم أمّه، فقال له عليّ: اسكت فلو سمع عمر هذا منك كان إليك سريعا. ثم استعمل عليّ زيادا على فارس فضبطها وكتب إليه معاوية يتهدّده ويعرض له بولادة أبي سفيان إيّاه فقام في الناس فقال: عجبا لمعاوية [3] يخوّفني دين ابن عم الرسول في المهاجرين والأنصار! وكتب إليه عليّ إني ولّيتك وأنا أراك أهلا وقد كان من أبي سفيان فلتة من آمال الباطل وكذب النفس، لا توجب ميراثا ولا نسبا. ومعاوية يأتي الإنسان من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فاحذر ثم احذر والسلام (هـ) . ولما قتل عليّ وصالح زياد معاوية وضع مصقلة بن هبيرة الشيبانيّ على معاوية ليعرض له بنسب أبي سفيان ففعل، ورأى معاوية أن يستميله باستلحاقه فالتمس الشهادة بذلك ممن علم لحوق نسبه بأبي سفيان فشهد له رجال من أهل البصرة وألحقه، وكان أكثر شيعة علي ينكرون ذلك وينقمونه على معاوية حتى أخوه أبو بكرة. (وكتب زياد) إلى عائشة في بعض الأحيان من زياد بن أبي سفيان يستدعي جوابها بهذا النسب ليكون له حجة فكتبت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015