وفيهَا: بلغنَا وَفَاة القَاضِي زين الدّين عمر البلفيائي بصفد بالوباء وَالشَّيْخ نَاصِر الدّين الْعَطَّار بطرابلس بالوباء، وَهُوَ وَاقِف الْجَامِع الْمَعْرُوف بِهِ بهَا، وفيهَا توفّي القَاضِي جمال الدّين سُلَيْمَان بن رَيَّان الطَّائِي بحلب مُنْقَطِعًا تَارِكًا للخدم ملازماً للتلاوة.

وفيهَا: بلغنَا أَن أرغون شاه وسط بِدِمَشْق كثيرا من الْكلاب.

وفيهَا: توفّي الْأَمِير أَحْمد بن مهنا أَمِير الْعَرَب وفت ذَلِك فِي أعضاد آل مهنا، وَتوجه أَخُوهُ فياض الغشوم الْقَاطِع للطرق الظَّالِم للرعية إِلَى مصر ليتولى الْإِمَارَة على الْعَرَب مَكَان أَخِيه أَحْمد فَأُجِيب إِلَى ذَلِك فَشكى عَلَيْهِ رجل شرِيف أَنه قطع عَلَيْهِ الطَّرِيق وَأخذ مَاله وَتعرض إِلَى حريمه فرسم السُّلْطَان بإنصافه مِنْهُ فَأَغْلَظ فياض فِي القَوْل طَمَعا بصغر سنّ السُّلْطَان فقبضوا عَلَيْهِ قبضا شنيعاً.

وفيهَا: فِي سلخ شَوَّال توفّي قَاضِي الْقُضَاة نور الدّين مُحَمَّد بن الصَّائِغ بحلب، وَكَانَ صَالحا عفيفاً دينا لم يكسر قلب أحد وَلكنه لخيرته طمع قُضَاة السوء فِي المناصب وَصَارَ المناحيس يطلعون إِلَى مصر ويتولون الْقَضَاء فِي النواحي بالبذل وَحصل بذلك وَهن فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة

قلت:

(مُرِيد قضا بَلْدَة ... لَهُ حلب قَاعِدَة)

(فَيطلع فِي أَلفه ... وَينزل فِي وَاحِدَة)

وَكَانَ رَحمَه الله من أكبر أَصْحَاب ابْن تَيْمِية، وَكَانَ حَامِل رايته فِي وقْعَة الكسروان الْمَشْهُورَة.

وفيهَا: فِي عَاشر ذِي الْقعدَة توفّي بحلب صاحبنا الشَّيْخ الصَّالح زين الدّين عبد الرَّحْمَن بن هبة الله الْعمريّ بِإِمَام الزجاجية من أهل الْقُرْآن وَالْفِقْه والْحَدِيث، عزب مُنْقَطع عَن النَّاس، كَانَ لَهُ بحلب دويرات وقفهن على بني عَمه.

وَظهر لَهُ بعد مَوته كرامات، مِنْهَا: أَنه لما وضع فِي الْجَامِع ليصلى عَلَيْهِ بعد الْعَصْر ظهر من جنَازَته نور شَاهده الْحَاضِرُونَ، وَلما حمل لم يجد حاملوه عَلَيْهِم مِنْهُ ثقلاً حَتَّى كَأَنَّهُ مَحْمُول عَنْهُم فتعجبوا لذَلِك.

وَلما دفن وَجَلَسْنَا نَقْرَأ عِنْده سُورَة الْأَنْعَام شممنا من قَبره رَائِحَة طيبَة تغلب رَائِحَة الْمسك والعنبر، وتكرر ذَلِك فتواجد النَّاس وَبكوا وغلبتهم الْعبْرَة، وَله محَاسِن كَثِيرَة رَحمَه الله ورحمنا بِهِ آمين، ومكاشفات مَعْرُوفَة عِنْد أَصْحَابه.

وَفِي الْعشْر الْأَوْسَط مِنْهُ توفّي (أخي الشَّقِيق) وشيخي الشفيق القَاضِي جمال الدّين يُوسُف، ترك فِي آخر عمره الحكم وَأَقْبل على التدريس والإفتاء، وَكَانَ من كَثْرَة الْفِقْه وَالْكَرم وسعة النَّفس وسلامة الصَّدْر بِالْمحل الرفيع رَحمَه الله تَعَالَى، وَدفن بمقابر الصَّالِحين قبلي الْمقَام بحلب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015