وقع منهم في بعض الليالي تفريط فاشتعلت النار في المسجد الشريف واحترقت سقوفه وتألم الناس لذلك قلت وكان أصل هذا الحريق من مسرجة قيم وقلت في ذلك والنار أيضا من جنود نبينا لم تأت إلا بالذي يختار متغلبون يزخرفون بسحتهم

وكانت تضيء بالليل من مسافة بعيدة جدا ولعلها النار التي ذكرها رسول الله

وفيهَا: أَو الَّتِي قبلهَا ظَهرت نَار بِالْحرَّةِ عِنْد مَدِينَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَانَت تضيء بِاللَّيْلِ من مَسَافَة بعيدَة جدا. ولعلها النَّار الَّتِي ذكرهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من عَلَامَات السَّاعَة؟ فَقَالَ نَار تظهر بالحجاز تضيء لَهَا أَعْنَاق الأبل ببصرى.

فمما نظم المشد سيف الدين عمر بن قزل يخاطب به النبي

قلت: وَلم يكن لَهَا حر على عظمها وَشدَّة ضوئها، ودامت أَيَّامًا وتواتر شَأْن هَذِه النَّار، ونظمت الشُّعَرَاء عِنْد ظُهُور هَذِه النَّار مدائح فِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فمما نظم المشد سيف الدّين عمر بن قزل يُخَاطب بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

(وَلما نفى عني الكرا خبر الَّتِي ... أَضَاءَت بِأحد ثمَّ رضوى ويذبل)

(ولاح سناها من جبال قُرَيْظَة ... لسكان تيماً فاللوى فالعقيقل)

(وأخبرت عَنْهَا فِي زَمَانك منذراً ... بِيَوْم عبوس قمطرير مطول)

(ستظهر نَار بالحجاز مضيئة ... لأعناق عيس نَحْو بصرى لمجتلى)

(فَكَانَت كَمَا قد قلت حَقًا بِلَا مرا ... صدقت وَكم كذبت كل معطل)

(لَهَا شرر كالبرق لَكِن شهيقها ... فكالرعد عِنْد السَّامع المتأمل)

(وَأصْبح وَجه الشَّمْس كالليل كاسفاً ... وَبدر الدجى فِي ظلمَة لَيْسَ ينجلي)

(وأبدت من الْآيَات كل عَجِيبَة ... وزلزلت الأرضون أَي تزلزل)

(جزعت فَقَامَ النَّاس حَولي وَأَقْبلُوا ... يَقُولُونَ لَا تهْلك أسي وَتحمل)

(طفى النَّار نور من ضريحك سَاطِع ... فَعَادَت سَلاما لَا تضر بمصطلي)

وَهِي طَوِيلَة، وَالله أعلم.

ثمَّ اتّفق الخدم بحرم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقع مِنْهُم فِي بعض اللَّيَالِي تَفْرِيط، فاشتعلت النَّار فِي الْمَسْجِد الشريف، واحترقت سقوفه وتألم النَّاس لذَلِك.

قلت: وَكَانَ أصل هَذَا الْحَرِيق من مسرجة قيم، وَقلت فِي ذَلِك:

(وَالنَّار أَيْضا من جنود نَبينَا ... لم تأت إِلَّا بِالَّذِي يخْتَار)

(متغلبون يزخرفون بسحتهم ... حرم النَّبِي فطهرته النَّار)

ذكر اسْتِيلَاء التتر على بَغْدَاد

ثم دخلت سنة ست وخمسين وستمائة فيها قصد هولاكو ملك التتر بغداد وملكها في العشرين من المحرم وقتل الخليفة المستعصم بالله وسببه أن وزير الخليفة مؤيد الدين بن العلقمي كان رافضيا وأهل الكرخ روافض فافتتن السنية والشيعة ببغداد كعادتهم فأمر

ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة: فِيهَا قصد هولاكو ملك التتر بَغْدَاد، وملكها فِي الْعشْرين من الْمحرم، وَقتل الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه وَسَببه أَن وَزِير الْخَلِيفَة مؤيد الدّين بن العلقمي، كَانَ رَافِضِيًّا وَأهل الكرخ روافض فَافْتتنَ السّنيَّة والشيعة بِبَغْدَاد كعادتهم فَأمر أَبُو بكر ابْن الْخَلِيفَة ركن الدّين الدواتدار الْعَسْكَر فنهبوا الكرخ وركبوا من النِّسَاء الْفَوَاحِش فَعظم ذَلِك على الْوَزير ابْن العلقمي، وَكَاتب التتر وأطعمهم فِي بَغْدَاد وطمع الْخَبيث الغوي فِي إِقَامَة خَليفَة علوي.

قلت: وَكتب ابْن العلقمي إِلَى وَزِير إربل يطلعه على ذَلِك برسالة مِنْهَا: إِنَّه قد نهب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015