تكين مَمْلُوكا لرجل من غرشستان وَلذَلِك قيل لَهُ أنوش تكين غرشه فَاشْتَرَاهُ بلكابك أَمِير من السلجوقية فعلا أنوش تكين بِحسن طَرِيقَته وَصَارَ مقدما وَولد لَهُ خوارزم شاه، وَنَشَأ عَارِفًا أديباً، وَتقدم بالعناية الأزلية، فَلَمَّا قدم الْأَمِير داذ الحبشي إِلَى خُرَاسَان وَهُوَ من أُمَرَاء بركيا روق، كَانَ قد أرْسلهُ بركيا روق لصلاح خُرَاسَان من فتْنَة من الأتراك قتل فِيهَا نَائِب خوارزم، فسكن داذ الْفِتْنَة وَاسْتعْمل مُحَمَّد بن أنوش تكين على خوارزم ولقبه خوارزم شاه، فصرف مُحَمَّد همته إِلَى معدلة ينشرها ومكرمه يَفْعَلهَا، وَقرب أهل الْعلم وَالدّين، فَعظم ذكره وَأقرهُ السُّلْطَان سنجر على خوارزم، وَعظم عِنْده، ثمَّ ولي بعده ابْنه أتسز فَأَفَاضَ الْعدْل، وفيهَا سَار رضوَان من حلب ليَأْخُذ دمشق من ابْن أَخِيه دقاق، وَمَعَهُ ياغي سِنَان صَاحب أنطاكية، وَجَنَاح الدولة فَلم ينالوا من دمشق غَرضا وارتحل رضوَان إِلَى الْقُدس فَلم يملكهَا وتراجعت عساكره فَرجع إِلَى حلب ثمَّ سَار ياغي سِنَان عَن رضوَان إِلَى دقاق، وَحسن لَهُ قصد أَخِيه رضوَان وَأخذ حلب مِنْهُ فَالْتَقَيَا على قنسرين فَانْهَزَمَ دقاق وَعَسْكَره وَعَاد رضوَان منصوراً، ثمَّ اتفقَا على أَن يخْطب لرضوان بِدِمَشْق قبل دقاق.

وفيهَا: خطب الْملك رضوَان للمستعلي بِأَمْر الله الْعلوِي بِمصْر أَربع جمع ثمَّ قطعهَا وَأعَاد الْخطْبَة العباسية خوف الْعَاقِبَة.

وفيهَا: قتلت الباطنية أرغش النظامي بِالريِّ، وَكَانَ قد عظم حَتَّى تزوج بنت ياقوتي عَم بركيا روق.

وفيهَا: قتلت الباطنية أَيْضا الْأَمِير برسق من أَصْحَاب طغرل بك أول شجنة السلجوقية بِبَغْدَاد.

ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا حصر الفرنج أنطاكية لسبعة أشهر وَظهر لياغي سِنَان شجاعة عَظِيمَة ثمَّ هجموها عنْوَة وَخرج ياغي سِنَان لَيْلًا مَرْعُوبًا فَلَمَّا أصبح ووعى على نَفسه أَخذ يتلهف على أَهله وَالْمُسْلِمين، وغشى عَلَيْهِ حَتَّى عجز عَن الرّكُوب فَتَرَكُوهُ وَمر بِهِ أرمني يقطع الْخشب فَقطع رَأسه وَحمله إِلَى الفرنج بأنطاكية، وَوضع الفرنج السَّيْف فِي أنطاكية فِي الْمُسلمين ونهبوا وَبلغ كربوغاً صَاحب الْموصل فعل الفرنج بأنطاكية فَجمع عسكره وَسَار إِلَى مرج دابق وجاءه دقاق من دمشق وطغتكين أتابك وجناج الدولة صَاحب حمص زوج أم رضوَان فَارق رضوَان وَملك حمص وَغَيرهم من الْأُمَرَاء وَالْعرب، ثمَّ حصروا أنطاكية والفرنج بهَا فطلبوا من كربوغا أَن يُطْلِقهُمْ، فَامْتنعَ ثمَّ أَسَاءَ كربوغا السِّيرَة فِيمَن اجْتمع مَعَه وتكبر فخبثت نياتهم لَهُ وضاق الْأَمر بالفرنج وَقل قوتهم فَخَرجُوا من أنطاكية وقاتلوا الْمُسلمين فهرب الْمُسلمُونَ وتقوت الفرنج بالقوت وَالسِّلَاح وَسَار الفرنج إِلَى المعرة فاستولوا عَلَيْهَا فَقتلُوا فِيهَا مَا يزِيد على مائَة ألف إِنْسَان وَسبوا وَأَقَامُوا بالمعرة أَرْبَعِينَ يَوْمًا.

قلت: وَفِي ذَلِك يَقُول بعض المعربين وَمَا أحسن مَا جَاءَت تورية الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيس والأحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015