وحضر بنو جشم وفيهم دريد بن الصمة وقد جاوز المائة لرأيه وقال رجزا يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع وبلغ ذلك رسول الله

إلى حنين والمشركون بأوطاس فقال دريد عن أوطاس نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس وركب بغلته الدلدل وقال رجل من المسلمين عن جيشه

للعباس ناد بهم فقال يا رسول الله كيف يبلغهم صوتي أو متى يسمعون ندائي فقال عليك النداء وعلى الله البلاغ فناداهم العباس وأقبلوا يأمون الصوت كأنهم إبل حنت إلى أولادها والله أعلم وتراجعوا واقتتلوا شديدا فقال

عبد الرَّحْمَن بن عَوْف على خَالِد فعله فَقَالَ خَالِد: ثأرت أَبَاك، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: بل ثأرت عمك الْفَاكِه وَفعلت فعل الْجَاهِلِيَّة فِي الْإِسْلَام.

خصامهما فقال يا خالد دع عنك أصحابي فوالله لو كان لك أحد ذهبا ثم أنفقته في سبيل الله تعالى ما أدركت غدوة أحدهم ولا روحته وفيها في شوال غزوة حنين

وَبلغ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خصامهما فَقَالَ: " يَا خَالِد دع عَنْك أَصْحَابِي فوَاللَّه لَو كَانَ لَك أحد ذَهَبا ثمَّ أنفقته فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى مَا أدْركْت غدْوَة أحدهم وَلَا روحته "، وفيهَا فِي شَوَّال غَزْوَة حنين.

(غَزْوَة حنين)

واد بينه وبين مكة ثلاث ليال ولما فتحت مكة تجمعت هوزان لحربه

وَاد بَينه وَبَين مَكَّة ثَلَاث لَيَال وَلما فتحت مَكَّة تجمعت هوزان لحربه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومقدمهم مَالك بن عَوْف النضري، وانضمت إِلَيْهِم ثَقِيف أهل الطَّائِف وَبَنُو سعد بن بكر الَّذِي رضع فيهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَحضر بَنو جشم وَفِيهِمْ دُرَيْد بن الصمَّة وَقد جَاوز الْمِائَة لرأيه وَقَالَ رجزا:

(يَا لَيْتَني فِيهَا جذع ... أخب فِيهَا وأضع)

وَبلغ ذَلِك رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَخرج من مَكَّة لست من شَوَّال - وَكَانَ يقصر الصَّلَاة بِمَكَّة من يَوْم فتحهَا إِلَى خُرُوجه هَذَا - وَخرج مَعَه اثْنَا عشر ألفا أَلفَانِ من مَكَّة وَعشرَة آلَاف كَانَت مَعَه، وَمَعَهُ صَفْوَان بن أُميَّة لم يسلم بعد بل استمهل بِالْإِسْلَامِ شَهْرَيْن وأعاره مائَة درع وَمَعَهُ أَيْضا جمع من الْمُشْركين وانْتهى رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى حنين وَالْمُشْرِكُونَ بأوطاس فَقَالَ دُرَيْد عَن أَوْطَاس: نعم مجَال الْخَيل لَا حزن ضرس وَلَا سهل دهس، وَركب بغلته الدلْدل.

ذات اليمن في نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيتهم وحيئذ ظهر حقد أهل مكة فقال أبو سفيان لا تنتهي هزيمتهم دون البحر وكانت الأزلام معه في كنانته وصرخ كلدة اسكت فض الله فاك والله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن واستمر

وَقَالَ رجل من الْمُسلمين عَن جَيْشه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لن يغلب هَؤُلَاءِ من قلَّة، وَفِي ذَلِك نزل {وَيَوْم حنين إِذْ أَعجبتكُم كثرتكم فَلم تغن عَنْكُم شَيْئا} والتقوا فانكشف الْمُسلمُونَ وانحاز - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات الْيمن فِي نفر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَأهل بَيتهمْ وحيئذ ظهر حقد أهل مَكَّة فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: لَا تَنْتَهِي هزيمتهم دون الْبَحْر وَكَانَت الأزلام مَعَه فِي كِنَانَته وصرخ كلدة اسْكُتْ فض اللَّهِ فَاك وَالله لِأَن يربنِي رجل من قُرَيْش أحب إِلَيّ من أَن يربنِي رجل من هوَازن. وَاسْتمرّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَابتا قلت: وَلما انهزم الصَّحَابَة يَوْم حنين قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: للْعَبَّاس " نَاد بهم " فَقَالَ: يَا رَسُول الله كَيفَ يبلغهم صوتي، أَو مَتى يسمعُونَ ندائي، فَقَالَ: " عَلَيْك النداء وعَلى اللَّهِ الْبَلَاغ " فناداهم الْعَبَّاس وَأَقْبلُوا يأمون الصَّوْت كَأَنَّهُمْ إبل حنت إِلَى أَوْلَادهَا، وَالله أعلم.

وتراجعوا واقتتلوا شَدِيدا فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لبغلته الدلْدل: " الْبَدِيِّ الْبَدِيِّ " فَوضعت بَطنهَا على الأَرْض، وَأخذ حفْنَة من تُرَاب فَرمى بهَا فِي وَجه الْمُشْركين فهزموا واتبعهم الْمُسلمُونَ يقتلُون وَيَأْسِرُونَ.

من الرضاعة فأرته علامة عضته في ظهرها فعرفها وبسط لها رداءه وزودها وردها إلى قومها حسبما سألت

وَكَانَ فِي السَّبي الشيماء السعدية أُخْته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الرضَاعَة فأرته عَلامَة عضته فِي ظهرهَا فعرفها وَبسط لَهَا رِدَاءَهُ وزودها وردهَا إِلَى قَومهَا حَسْبَمَا سَأَلت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015