لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ثم خرج من المدينة لعشر من رمضان ومعه المهاجرون والأنصار وطوائف من العرب وكان جيشه عشرة آلاف حتى قارب مكة فركب العباس بغلة النبي

" ثمَّ دخلت سنة ثَمَان ": فِيهَا قدم خَالِد بن الْوَلِيد وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَعُثْمَان بن طَلْحَة بن عبد الدَّار فأسلموا. وفيهَا فِي جمادي الأولى.

(غَزْوَة مؤته)

أول الْغَزَوَات فِي الرّوم، بعث ثَلَاثَة آلَاف وَأمر عَلَيْهِم زيد بن حَارِثَة مَوْلَاهُ، وَقَالَ " إِن أُصِيب فجعفر بن أبي طَالب وَإِن أُصِيب فعبد اللَّهِ بن رَوَاحَة "، فَقَالَ أَبُو بكر: حَسبك يَا رَسُول اللَّهِ فَإِنِّي أَتَخَوَّف أَن لاتعد أحدا إِلَّا قتل.

على المنبر وكشف له معتركهم فقال أخذ الراية زيد بن حارثة حتى استشهد فصلى عليه وقال استغفروا له ثم قال أخذ الراية جعفر حتى استشهد فصلى عليه ثم قال استغفروا لأخيكم جعفر ثم قال أخذ الراية عبد الله بن رواحة فاستشهد ثم

قلت: وَجلسَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمِنْبَر وكشف لَهُ معتركهم فَقَالَ: " أَخذ الرَّايَة زيد بن حَارِثَة حَتَّى اسْتشْهد " فصلى عَلَيْهِ وَقَالَ " اسْتَغْفرُوا لَهُ " ثمَّ قَالَ: " أَخذ الرَّايَة جَعْفَر حَتَّى اسْتشْهد " فصلى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: " اسْتَغْفرُوا لأخيكم جَعْفَر " ثمَّ قَالَ: " أَخذ الرَّايَة عبد اللَّهِ بن رَوَاحَة فاستشهد ثمَّ دخل الْجنَّة " فَأخْبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَصْحَابه بِقَتْلِهِم فِي السَّاعَة الَّتِي قتلوا فِيهَا، وَالله أعلم.

رسول غيره وفيها

وَلما قتل هَؤُلَاءِ رَضِي اللَّهِ عَنْهُم اتّفق الْمُسلمُونَ على خَالِد فَأخذ الرَّايَة وَكَانَت الرّوم وَالْعرب المتنصرة فِي نَحْو مائَة ألف وَرجع خَالِد بِالنَّاسِ إِلَى الْمَدِينَة، ومؤتة دون دمشق بِأَدْنَى البلقاء، وَسبب هَذِه الْغُزَاة أَنه أرسل الْحَارِث بن عُمَيْر إِلَى ملك بصرى بكتابه فَعرض لَهُ بمؤتة عَمْرو بن شُرَحْبِيل الغساني فَقتله وَلم يقتل لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَسُول غَيره، وفيهَا.

(نقض الصُّلْح وَفتح مَكَّة)

وذلك أن بني بكر كانوا في عقد قريش وخزاعة في عقد النبي

فقال يا بنية أرغبت به عني أم رغبت بن عنه فقالت هو فراش رسول الله وأنت مشرك نجس فقال لقد أصابك بعدي شر ثم أتاه فكلمه فلم يرد شيئا وأتى كبار الصحابة مثل أبي بكر وعلي فما أجاباه فعاد وأخبر قريشا وتجهز رسول الله

وَذَلِكَ أَن بني بكر كَانُوا فِي عقد قُرَيْش وخزاعة فِي عقد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلقي فِي هَذِه السّنة بَنو بكر خُزَاعَة فَقتلُوا مِنْهُم بإعانة بعض قُرَيْش فَانْتقضَ عَهدهم وندمت قُرَيْش فَقدم أَبُو سُفْيَان ليجدد الْعَهْد وَدخل على أم حَبِيبَة فطوت عَنهُ فرَاش النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا بنية أرغبت بِهِ عني أم رغبت بن عَنهُ، فَقَالَت: هُوَ فرَاش رَسُول اللَّهِ وَأَنت مُشْرك نجس، فَقَالَ لقد أَصَابَك بعدِي شَرّ، ثمَّ أَتَاهُ فَكَلمهُ فَلم يرد شَيْئا وأتى كبار الصَّحَابَة مثل أبي بكر وَعلي فَمَا أجاباه فَعَاد وَأخْبر قُريْشًا، وتجهز رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقصد أَن يبغت قُريْشًا بِمَكَّة من قبل أَن يعلمُوا بِهِ فَكتب حَاطِب بن أبي بلتعة إِلَيْهِم مَعَ سارة مولاة بني هَاشم يعلمهُمْ بذلك فَأطلع اللَّهِ رَسُوله على ذَلِك، وَأرْسل عليا وَالزُّبَيْر وأخذا مِنْهَا الْكتاب فَقَالَ لحاطب: " مَا حملك على هَذَا " فَقَالَ: وَالله إِنِّي مُؤمن مَا بدلت وَلَا غيرت وَلَكِن لي بَين أظهرهم أهل وَولد وَلَيْسَ لي عشيرة فصانعتهم فَقَالَ عمر دَعْنِي أضْرب عُنُقه فَإِنَّهُ مُنَافِق فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَعَلَّ اللَّهِ قد اطلع على أهل بدر فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فقد غفرت لكم ".

ثمَّ خرج من الْمَدِينَة لعشر من رَمَضَان وَمَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار وَطَوَائِف من الْعَرَب وَكَانَ جَيْشه عشرَة آلَاف حَتَّى قَارب مَكَّة فَركب الْعَبَّاس بغلة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَعَلَّه يجد رجلا يعلم قُريْشًا ليأتوا رَسُول اللَّهِ ويستأمنوه وَإِلَّا هَلَكُوا قَالَ فَسمِعت صَوت أبي سُفْيَان بن حَرْب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015