ثم أقبلت على ذلك الحرام الشريف. والمسجد الرفيع المنير، أتأمل محاسنه، وأتخيل فيه بين أصحابه الأبرار ساكنه، فمن أبدع ما رايته وأبرعه قصيدة فريدة كتبت بالخط المذهب الرائق البديع، وأثبتت في ألوان الأذهان التي تخجل زهر الربيع ورفعت أمام المقدسة في سقف المسجد الشريف الرفيع فنحلت القراطيس لؤلؤها، ونقلت كل ما كان قبلها وبعدها، وهاهي تسفر عن غرتها الواضحة، وتعبق عن نسمتها النافحة، وتشهد لناظمها بالقريحة الراجحة والعقيدة الصالحة: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم،
سلام كنشر الورد من مسقط الندا ... عليك رسول الله يا منزل الهدى
ويا مهبط الأملاك والوحي لم تزل ... أنيسا بزوراء الرسول ممجدا
ويا تربة المختار أفديك تربة ... بنفسي وان كانت أقل من الفدا
ويا بيته حيا ومثواه ميتا ... لك الفخر في حاليك بيتا ومشهدا
تضمنت أعضاء الرسول مبوءا ... مهادا من الفردوس فيك ممهدا
سقى الله منك الترب أفضل ما سقى ... وصلىعلى من حل فيك موسدا
فيا منزل الأبرار حييت منزلا ... ويا مسجد الأبرار شرفت مسجدا
كأني أرى صحب النبي محمد ... بأرجائك انبثوا ركوعا وسجدا
ففيك بدت من جنة الخلد روضة ... تطوف بها الأملاك مثنى ومفردا
سلام من الرحمن يذكو أريجه ... أخص به خير الامام محمدا
سلام ورضوان وروح ورحمة ... على روحه ما راح ساع وما غدا
فيا خير أهل الأرض بيتا وعنصرا ... وأشرف خلق الله نفسا ومحتدا
وأوسعهم خلقا وأزكى خلائقا ... وأطيبهم خيما وأطيب مولدا
ويا صفوة الرحمن من خير خلقه ... وأطولهم طولا وأعظم سؤددا
شهدت بأن الله لا رب غيره ... وان رسول الله حقا محمدا
وأشهد أن الله أهداك رحمة ... إلى خلقه وأختارك الله سيدا
فصلى عليك الله يا خير مرسل ... ويا خير من بالمعجزات تفردا
وصلى عليك الله ما لاح بارق ... وما ناح طير في الغضون مغردا
وصلي على الأبرار أهلك أنهم ... بنورهم يأتم من قد تزهدا
هم القوم عنهم اذهب الرجس كله ... وركب فيهم كل خير وأوجدا
وصلي على أصحابك الغر إنهم ... نجوم بها ينجو غدا من بها اهتدى
صلاة الاهي والسلام مضاعف ... على المصطفى المختار ما اتصل المدى