الفقيه الأجل الأفضل الأزكى العدل الرضي الأسدي، الأكمل أبو الحجاج ابن حصن وقف على النسخة الأولى من هذه الرحلة ببلده بلش في وجهتي إلى) مالقة (وإلى غريبها برسم لقاء العلماء الفضلاء وذلك في شهور ست وخمسين وسبعمائة فكتب عليها بخطه ما نصه، وعليه قرأته ومنه سمعته، لما وقف العبد الفقير إلى مولاه الغني به عمن سواه يوسف بن علي بن محمد بن علي بن محمد الخولاني ثم ابن حصن الشاطبي المحتد البلشي المولد على هذه النسخة بل الرحلة المباركة المآثر الشريفة الأوائل والأواخر، انشد بلسان المتلعثم مرتجلا وقريحة التقصير مستعجلا:
لاح من الشرق هلال سما ... فاق به مغربنا مشرقا
جاء من اليم بدر يضيء ... قلبا من الغم له مشرقا
رحلة الحج من حلا خالد ... حاز من المجد بها مفرقا
) الفقيه الوزير الكاتب (الماهر الناظم الناثر أبو جعفر احمد بن زرقالة وقف عليها وكلف بها ونسخ بخطه البارع الرائق العجيب نسخا منها وقرأها علي بلفظه وسمعها بلفظي وبلفظ غيري بالمرية المحروسة مرات كثيرة ونظم في مدحها مقطوعات عديدة وقصائد جملة جميلة واعتني بها غاية الاعتناء وجمع كل من نظم فيها شيئا من النظم أو النثر في مجموع رائق أنيق حافل منفرد بنفسه وعرف بهم تعريفا حسنا نفعه الله بقصده، فمما نقلت هنا من نظمه الذي كتبه على النسخة الأولى من هذه الرحلة، ما نصه مقترنا بما قبله وبعده، وذلك الحمد لله حق حمده وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعبده، يقول كاتب هذه بخطه عبد الله الراجي رحمته أحمد بن محمد بن زرقالة ختم الله له تعالى بالسعادة لما وقفت على هذه الرحلة البارعة من إنشاء شيخنا رئيس الأدباء وإمام الفصحاء البلغاء أبي البقاء أطال الله بقاءه ووالى سموه وارتقاءه نظمت بديها بتاريخ اليوم التاسع عشر لشهر ربيع الأول من سنة ست وخمسين وسبعمائة:
لله تاج وأي تاج ... حلى بالدرر والجواهر
نزهتني منه في رياض ... مختلف النور والأزاهر
جرت عليه الصبا ذيولا ... فنم عرف شذاه عاطر
ثم كتبت ونظمت بعد ذلك:
وشيت التاج يا تاج المعالي ... فجل على المفارق والرؤوس
رقمت جهاته ورشقت فيها ... بمسك الحبر كافور الطروس
فلم أر قبله في الطرس تاجا ... يرصع عاجه بالأبنوس
ومما كتبت هنا في قصائده التي نظمها في ذلك وكتبها هنالك قوله، وكتبتها هنا بما قبلها وبعدها الحمد لله حق حمده، ومما نظمه كاتب الأبيات أسفل الصفح يسرته أحمد بن محمد بن زرقالة وفقه الله وخاطب به مصنف هذه الرحلة شيخه القاضي الجليل الحسيب الفاضل ذاتا وأداوة وخلقا وبيتا أبا البقاء خالدا حفظ الله مجده وبتاريخ اليوم الثالث والعشرين لربيع الأول من سنة ست وخمسين وسبعمائة ما نصه:
توجت أهل الشرق تاج جلالة ... أزرى بتيجان بني قحطان
ونظمت ذكرهم بأسلاك العلي ... نظما كنظم الدر والمرجان
ورفعت راية كجدهم وفخارهم ... وكسوتهم حللا من الإحسان
من دونها ما دبجته يد الندا ... في الروض غب العارض الهتان
خلدت خالد من حلى آثارهم ... كجدا تقر بمثله العينان
وأتيت من بدع البديع برحلة ... بل حلة موشية الأردان
أو روضة قد جادها صوب الحيا ... فتزينت بزخارف الألوان
تهديك من نفحاتها أرج الصبا ... مسكا يضوع شذاه كل أوان
شغفت بها مهج سمت لكنها ... حلت محل الروح من جثمان
لا سيما إذ أفحصت بحديث من ... حل الحما من ساكني نعمان
سحرت محاسنها النهى فكأنها ... وكأنه كالورد للظمئان
وترى القلوب تصيخ نحو حديثها ... آذانها سبقا إلى الآذان
قد أمحضت من لؤلؤ ألفاظها ... وصفت معانيها من لعقيان
مارئ قط بمثلها فيما مضى ... من سالف الأحقاب والأزمان
ظرفا وترتيبا وحسن عبارة ... لا يحتذى منها مزيد بيان
لم لا تكون بهذه الأثر التي ... قد أشرفت شرفا على كيوان
وحللت من رتب البراعة ذروة ... بوئت منها في أعز مكان
فيمد فكرتك البيان بديمة ... لسحابها سمو يدا سحبان
ومتى رقمت الطرس أو وشيته ... أنسيت وشى أزاهر البستان