تعالى بالخضوع وإسبال الدموع، المنقطع عن الأهل والكتاب المجموع". إلى غير ذلك من أماكن يتوجع فيها بنحو هذا من السجع. وعِدَّته عشرة أجزاء ضخمة. وتارة يكون في أربعة عشر-كما ذكر-وتارة في خمسة عشر كماهو عندي.
ورأيت له كتابا في أصول الفقه، جزءا ضخما. وشرح "السير الكبير" في جزأين ضخمين، أملاهما وهو في الجب. فلما وصل إلى باب الشروط حصل الفرج فأطلق؛ فخرج في آخر عمره من "أوزجند"إلى "فرغانة" فأنزله الأمير حسن بمنزله، فوصل إليه الطلبة، فأكمل الإملاء في دهليز الأمير.
قال في المسالك: صنَّف كتاب "المبسوط" في الفقه في أربعة عشر مجلدا، أملاه من خاطره من غير مطالعة كتاب، ولا مراجعة تعليق؛ بل كان محبوسا في جب بسبب كلمةٍ نَصَحَ بها. وكان يملي عليهم من الجب وهم على أعلى الجب يكتبون ما يملي عليهم. انتهى.
قلت: وشرح "مختصر" الطحاوي ورأيت منه قطعة. وشرح كتاب "الكسب" لمحمد بن الحسن، جزء لطيف.
قلت: من فطنته مع هذا الحفظ، ما حكي في "المسالك" أن الأمير زوَّج أمهات أولاده من خُدَّامه الأحرار؛ فسأل العلماء الحاضرين عن ذلك فكلهم قال: نِعْمَ ما فعلتَ. فقال شمس الأئمة: أخطأت لأن تحت كل خادم امرأة حرة، فكان هذا تزويج الأمة على الحرة. فقال الأمير: أعتقت هؤلاء وجددوا العقد. وقال للعلماء الحاضرين، فقالوا: نِعْمَ ما فعلتَ. فقال شمس الأئمة: أخطأتَ لأن العدة تجب على أمهات الأولاد بعد الإعتاق فكان تزوج المعتدة من الغير في العدة ولا يجوز.