ولقد أجمعت أمة العرب على النص القرآني الذي تلقته عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجمع في عهد الخليفة الأول، ونقلت تلك النسخة من بيته إلى بيوت الخلفاء الراشدين الثاني والثالث، وعممت نسخته في زمن عثمان رضي الله عنه على سائر الأمصار والبلدان التي دخلت في دين الإسلام، فتلقت الأمم في مشارق الأرض ومغاربها هذا المصحف عن أمة العرب، وكتبته برسمه العثماني، وتعلمت نطقه العربي جيلا بعد جيل، على اختلاف لغات الشعوب الإسلامية التي شرحت القرآن بلغاتها المختلفة.
فترى المصحف الذي يقرؤه الصيني أو الروسي أو الأوروبي أو الأمريكي أو الفارسي أو التركي أو الأفريقي أو العربي هو نفس المصحف الذي تذيعه إذاعة لندن أو إذاعة إسرائيل أو أي إذاعة أو محطة تلفزيون في العالم.
ولا يزال الملايين من أبناء المسلمين يتلقون القرآن مشافهة وقراءة وفق الرسم العثماني بسند متصل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن أمين الوحي جبريل عليه السلام، عن رب العالمين سبحانه وتعالى.
وإذا أخذت نسخة من المصحف في أي زمان ومكان لوجدتها تحكي المعجزات كما هي لأن الله سبحانه قد تعهد بحفظ القرآن كما قال تعالى:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) [الحجر: 9] ولا يزال المسلمون يحفظونه في الصدور والسطور، والملايين منهم يحفظون القرآن عن ظهر قلب وعلى مستوى الحرف الواحد منه، بل وعلى مستوى ضبط حركة الحرف الواحد.
ولو فتحت أيّ مصحف على وجه الأرض سواء كان من المطبوع حديثا أو من المخطوط قديما، وفتحت سورة الأحزاب لوجدت الآية التاسعة منه تحكي قصة الرياح والجنود التي نصر الله بها محمدا صلى الله عليه وسلم، وبهذا تعلم ويعلم كل منصف أن القرآن الذي بين أيدينا هو الذي أنزل على محمد صلى الله عليه