عن دينهم، وقالوا: كيف نصدق ما لم يقع؟!، ولازداد الكفار عتوّا ونفورا ولقالوا: محمد يكذب علينا وعلى الناس!!، ولكن شيئا من ذلك لم يحصل، بل ازداد المؤمنون إيمانا وثباتا على دينهم، وصمت الكفار، ثم دخل معظمهم بعد ذلك في دين الله أفواجا، وبهذا يكون القرآن السجل الصادق- الذي لا يتطرق إليه شك- لما وقع من الخوارق والمعجزات التي أيد الله بها رسوله محمدا صلى الله عليه وآله وسلم.
وعندما كان الوحي ينزل بالآيات القرآنية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بكتابتها فيتسابق المسلمون من أجل حفظها وكتابتها والتعبد بتلاوتها ونشرها بين الناس، وكان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كتاب يكتبون له الوحي حتى اكتمل نزول القرآن وكتبه المسلمون في المصحف، ومن المصحف نسخت مصاحف كثيرة ووزعت في الأقطار آنذاك، ثم في سائر أقطار العالم.
إن هؤلاء الصحابة الذين حفظ الله بهم القرآن ونقلوا هاتين الحادثتين: حادثة انشقاق القمر، وهزيمة الأحزاب بالرياح وغيرهما من خوارق العادات التي سجلها القرآن سواء ممن كان مسلما وقت وقوع الحادثة أو أسلم بعد ذلك، كانوا يقرءون القرآن صباح مساء، في صلاتهم ومجالسهم وحلق علمهم ويدونونه ويحفظونه ويتدارسونه فيما بينهم ويتخلقون بأخلاقه ويتحاكمون إلى شريعته، مقرين به ومصدقين له، وعلموه لأبنائهم وأهليهم ومن تبعهم، فمن المستحيل عقلا أن يجتمعوا جميعا على نقله وحفظه وهو لم يقع.
وقد حفظ الله القرآن في صدور هؤلاء الذين شاهدوا المعجزات وفي صحفهم، وفي صدور أبنائهم وما دونوه من صحف آبائهم، ونقله الآلاف وعشرات الآلاف بل والملايين وعشرات الملايين عبر العصور المتلاحقة مصدقين به.