المواقف. ولو فرضنا أن القرآن كان من عنده صلى الله عليه وآله وسلم لأنقذ نفسه من الحرج دون حاجة إلى التأخير:

ولعل أبرز الأمثلة على ذلك ما قاله أهل الإفك في زوجته السيدة الطاهرة عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين، ومكث النّبيّ صلى الله عليه وسلم قرابة شهر وأهل الإفك يخوضون في باطلهم ومع ذلك لم يتبين له الأمر حتى نزل الوحي من السماء ببراءة أم المؤمنين رضي الله عنها، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ (11) لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (13) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18) [النور: 11- 18] ، ولو كان القرآن من عنده صلى الله عليه وسلم لأمكنه أن يتلو على الناس بعض الآيات فور ظهور مقالة أهل الإفك في مثل هذه الحادثة التي لا تستدعي أقل وقت للتأخير، وذلك ليبرئ ساحته وعرض أهله، ولكنه لم يفعل لأنه ما كان ليفتري الوحي من دون الله «1» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015