مصدر هذا الخبر الغيبي قد نزل في القرآن من علم الله، إنه من الله العليم بكل شيء «1» .
وكما أخبر القرآن بالغيب الماضي فقد أخبر ببعض الحوادث التي لم يشهدها رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهي في زمنه فكانت غيبا بالنسبة له- فأطلعه الله عليها، ومن ذلك:
أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسر إلى بعض أزواجه أنه قد حرم على نفسه شرب العسل الذي عند بعض نسائه، لما ظن أن فيه رائحة غير مستحسنة «2» ، وأمرها ألا تخبر بذلك أحدا، فأخبرت بعض نسائه بذلك، فأطلعه الله سبحانه على ذلك وأخبرها به، فسألته عمن أخبره بذلك الغيب فأخبرها أنه الله سبحانه. قال تعالى: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ «3» عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ «4» فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (?) [التحريم: 3] .
ومن أمثلته كذلك ما كان يخفيه المنافقون من بغضهم للإسلام وطعنهم فيه فيطلع الله عليه نبيه، وكان المنافقون يعلمون ذلك ويخشون أن ينزل القرآن ببيان ما أسروا في قلوبهم. قال تعالى: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ (64) [التوبة: 64]