[ب] جمعه بين صفتي العذوبة والجزالة (?) : مع كونهما كالصفتين المتضادتين لا تكادان تجتمعان في الكلام.
[ج] إرواؤه لمطلب العقل والعاطفة معا: بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر.
[د] قصده في اللفظ مع الوفاء بحق المعنى: فإنه يجلي المعنى كاملا واضحا في كلمات وعبارات قاصدة ليست بالطويلة المملة، أما البشر فإنه إن أراد الاقتصاد في اللفظ قصر في التعبير عن المعنى المطلوب، وإن أحب تجلية المعنى قاده ذلك إلى التطويل في العبارة، وإن قدّر أنه ضبط اللفظ مع المعنى في جملة أو جملتين، فإن الكلل والإعياء سيلحقه بعد ذلك في بقية الكلام، وندر أن يصادفه هذا التوفيق مرة ثانية إلا الفينة بعد الفينة.
[هـ] جودة سبكه وإحكام سرده: مع أنه حوى موضوعات كثيرة مختلفة شاملة لحاجات البشر في الدنيا والآخرة من تشريع وقصص ومواعظ وبراهين عقلية ووجدانية ومناقشات وأمثال وحكم وغير ذلك، فقد سبك هذه الموضوعات جميعا وغيرها سبكا حكيما، فتراه مترابطا ترابط الجسم الواحد والروح الواحدة.
[و] إشباعه العامة والخاصة على السواء: فالجميع يتذوق حلاوته ويجد فيه من بغيته ما يمتع عقله وقلبه، فالعامة يلتذون به ويفهمون منه على قدر استعدادهم وما تبلغه عقولهم وقلوبهم، والخاصة يجدون حلاوته ويفهمون منه أكثر مما تفهم منه العامة، بخلاف غيره من كلام البشر فتجد منه ما يرضي العامة لسهولته ولكن الخاصة تمجّه لكونه دون مستواهم، وإن أرضى الخاصة لارتفاع مستواه لم يرض العامة لكونهم لا يفهمونه.