الوجه التاسع والثلاثون أن يقال ليس قول القائل رفع الأيدي إلى السماء مستلزم التجسيم بأعظم مما يقال لكل من أثبت شيئاً من الأسماء والصفات فإن الملاحدة من المتفلسفة واتباعهم الذين يجمعون بين النقيضين فيقولون لا موجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت أو يقولون لا يقال موجود ولا معدوم ولا حي ولا ميت يزعمون أن هذه الأسماء لا تقال إلا لما هو جسم ونفاة الصفات من العلم والقدرة وغيرها يقولون إن هذه الصفات لا تقوم إلا بجسم ومنكرو الرؤية والقائلون بخلق القرآن يقولون لا يمكن أن يرى إلا جسم ولا يقوم الكلام إلا بجسم وهم يبينون ذلك أعظم من بيان هذا المؤسس أن الرافعين لأيديهم في الدعاء مستندهم اعتقاد أن المدعو جسم وحينئذ فلا يخلو إما أن يكون ما ذكره النفاة لزوم التجسيم لهؤلاء المثبتة حقاً أو باطلاً فإن كان ذلك حقاً كان التجسيم حقاً إذ الإثبات للأسماء والصفات حق معلوم بالضرورة العقلية وبالنصوص السمعية وقول النفاة مستلزم للجمع بين النقيضين ولغير ذلك من السفسطة وإن كان ما يذكره هؤلاء النفاة من لزوم التجسيم باطلاً فانتفاء هذا اللازم في حق الداعين أولى وأوكد الوجه الأربعون أن يقول ومن المعلوم أن هذا الباب كثيراً ما يقال فيه إن الناس يتناقضون فيه فيثبت أحدهما شيئاً من وجود واجب أو اسم أو صفة وينفي لوازمه أو ينفي الجسم