قياس ما غاب عنهم من الموجود على ما شاهدوه لا ينافي ما ذكروه من أن ذلك يقتضي علمهم الضروري بأن الذي يدعى ويسأل هو في جهة فوق لأن العلوم الضرورية الكلية لا بد فيها من قياس كما تقدم وهم كما قد يقولون يعلم بالضرورة أن ما لا يكون داخل العالم ولا خارجه فإنه معدوم ويقول من يفهم معنى الجسم على اصطلاح المتكلمين يعلم بالضرورة أنه لا يكون موجود قائم بنفسه إلا ما سميتموه الجسم ويقولون كل من رجع إلى فطرته وفهم معنى ذلك ولم يصده عن موجب الفطرة ظن التقليد أو أقيسة فاسدة وهوى من تعصب للمذهب المألوف فإنه يعلم ذلك ويثبتون ذلك أيضاً بالمقاييس العقلية التي هي أقوى من مقاييس النفاة وإذا كان كذلك فنفي التجسيم لا يمكن أن يكون بنص ولا إجماع بل ولا بأثر عن أحد من سلف الأمة وأئمتها وليس مع نفاته إلا مجرد ما يذكرونه من الأقيسة العقلية فإذا كان رفع الأيدي إلى السماء في الدعاء مستلزماً لاعتقاد الدعاة التجسيم وهم يثبتون ذلك بالأقيسة العقلية أيضاً كان جانبهم أرجح لو لم يجيبوا عن حجج النفاة فكيف إذا أجابوا عنها وإذا بينوا أن نقيض قولهم مستلزم للتعطيل لتعطيل وجود الباري ذاته وصفاته وتعطيل معرفته وعبادته ودعائه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015