. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَمَّا السُّنَّةُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3] . وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّ أَصْلَهُ إِمَّا الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَلْزَمُ رُجُوعُهُ إِلَى الْكِتَابِ.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ وَالِاسْتِدْلَالُ، فَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا رَاجَعٌ إِلَى مَعْقُولِ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ أَوِ الْإِجْمَاعِ. وَعَلَى التَّقَادِيرِ يَلْزَمُ رُجُوعُهُ إِلَى الْكِتَابِ.
وَالْكِتَابُ بِالْحَقِيقَةِ هُوَ الْكَاشِفُ عَنِ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ الْقَائِمِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. فَيَكُونُ الْجَمِيعُ رَاجِعًا إِلَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ. وَهُوَ نِسْبَةٌ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ، قَائِمَةٌ بِالْمُتَكَلِّمِ.
أَمَّا كَوْنُ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ نِسْبَةً فَالْعِلْمُ بِهِ ضَرُورِيٌّ. وَأَمَّا كَوْنُ النِّسْبَةِ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ قَائِمَةً بِالْمُتَكَلِّمِ فَلِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَقُمِ النِّسْبَةُ بَيْنَ الْمُفْرَدَيْنِ بِالْمُتَكَلِّمِ، لَكَانَتِ النِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا خَارِجِيَّةً، أَيْ خَارِجَةً عَنِ الْمُتَكَلِّمِ ; إِذْ لَا غَيْرُهُمَا. لِأَنَّهَا إِمَّا أَنْ تَكُونَ قَائِمَةً بِنَفْسِ الْمُتَكَلِّمِ أَوْ لَا تَكُونَ قَائِمَةً بِهَا. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ بُطْلَانِ التَّالِي أَنَّ النِّسْبَةَ بَيْنَ مُفْرَدَيْنِ يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا عَلَى تَعَقُّلِ مُفَرَدَيْهَا، وَلَا شَيْءَ مِنَ الْخَارِجِيَّةِ يَتَوَقَّفُ حُصُولُهَا عَلَى تَعَقُّلِ شَيْءٍ. فَهَذِهِ النِّسْبَةُ لَا تَكُونُ خَارِجِيَّةً، فَتَكُونُ قَائِمَةً بِالْمُتَكَلِّمِ.
[الْكِتَابُ]
ش - لَمَّا كَانَ الْكِتَابُ أَصْلًا لِلْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ قَدَّمَ ذِكْرَهُ. ثُمَّ قَدَّمَ السُّنَّةَ عَلَى الْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّهَا أَصْلُهُ. ثُمَّ قَدَّمَ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْقِيَاسِ لِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ سَالِمًا عَنِ الْخَطَأِ.
وَذَكَرَ فِي الْكِتَابِ مُقَدِّمَةً وَثَلَاثَ مَسَائِلَ وَخَاتِمَةً. اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ، نَقُولُ: سَمِعْتُ كَلَامَ فُلَانٍ. وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَدْلُولِ الْأَلْفَاظِ، وَهِيَ الْمَعَانِي الَّتِي فِي النَّفْسِ، كَمَا قِيلَ:
إِنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا
=
جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلًا.