. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَمَّا فَرَغَ عَنِ الْمَبَادِئِ شَرَعَ فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَدَّمَهَا عَلَى الِاجْتِهَادِ وَالتَّرْجِيحِ ; لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَعْرِفِ الْأَدِلَّةَ وَأَقْسَامَهَا، وَأَحْكَامَهَا، لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ مَعْرِفَةِ كَيْفِيَّةِ اسْتِثْمَارِهَا، وَلَا [مَعْرِفَةِ] تَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ.
وَالْأَدِلَّةُ قَدْ مَرَّ تَفْسِيرُهَا. وَالْمُرَادُ بِالشَّرْعِيَّةِ: أَنْ تَكُونَ طَرِيقُ [مَعْرِفَةِ دَلَالَتِهَا] مُسْتَفَادًا مِنَ الشَّرْعِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ السَّمْعِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ.
وَإِنَّمَا انْحَصَرَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ فِي الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ ; لِأَنَّ الدَّلِيلَ الشَّرْعِيَّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ وَارِدًا مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ لَا.
وَالْأَوَّلُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُعْجِزًا، وَهُوَ الْكِتَابُ، أَوْ لَا، وَهُوَ السُّنَّةُ. وَيَنْدَرِجُ فِيهَا قَوْلُ الرَّسُولِ وَفِعْلُهُ وَتَقْرِيرُهُ.
وَالثَّانِي - وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ وَارِدًا مِنْ جِهَةِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِمَّا أَنْ يَكُونَ صَادِرًا مِمَّنْ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ - وَهُوَ الْإِجْمَاعُ - أَوْ لَا.
وَحِينَئِذٍ إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَمْلُ فَرْعٍ عَلَى أَصْلٍ لِعِلَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا - وَهُوَ الْقِيَاسُ - أَوْ لَا، وَهُوَ الِاسْتِدْلَالُ.
وَهَذِهِ الدَّلَائِلُ الْخَمْسَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ ; لِأَنَّ أَصْلَهَا الْكِتَابُ.