إني أنصح من أراد السلوك إلى الله وهو صادق ألاّ يغتر بكثير من المتأخرين وما يكتبونه وما يقولونه ففي ذلك والله من الآفات والبليات والقواطع عن الطريق مالا يحيط بعلمه إلا الله عز وجل، وأن تكون له عناية خاصة بكتب السلف ومعلوم أن الوصية بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لكن لابد في معرفة ذلك من الاستضاءة بنور العلماء وتأمل الآن هذا الكلام لابن القيم الذي يعرف العلم ويعرف شرفه وقدره ويدلّك عليه لتميز بين العلم الشريف الممدوح وبين ما يُسمى به كذباً وزرواً ويجعل أهل الوقت له نصيباً من الشرف والمدح جهالة وضلالة.
قال رحمه الله: ولما كان كمال الإرادة بحسب كمال مرادها وشرف العلم تابع لشرف معلومه كانت نهاية سعادة العبد الذي لا سعادة له بدونها ولا حياة له إلا بها أن تكون إرادته متعلقة بالمراد الذي لا يبلى ولا يفوت، وعزمات هِمته مسافرة إلى حضرة الحي الذي لا يموت، ولا سبيل له إلى هذا المطلب الأسنى والحظ الأوفى إلا بالعلم الموروث عن عبده ورسوله وخليله وحبيبه الذي بعثه لذلك داعياً وأقامه على هذا الطريق هادياً، وجعله واسطة بينه وبين الأنام، وداعياً له بإذنه