ثم خرج حاتم من عند ابن مقاتل ودخل وجماعته على الطنافسي فقال له: رحمك الله أنا رجل أعجمي أحب أن تعلمني أول مبتدأ ديني ومفتاح صلاتي كيف أتوضأ للصلاة؟ قال: نعم وكرامة، ياغلام هات إناء فيه ماء، فقعد الطنافسي وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا فتوضأ، قال حاتم: مكانك حتى أتوضأ بين يديك فيكون أوْكد لِما أريد، وقام الطنافسي وقعد حاتم فتوضأ ثم غسل الذراعين أربعاً، قال الطنافسي له: يا هذا أسرفت، قال له حاتم: فيماذا؟ قال: غسلت ذراعك أربعاً، قال حاتم: يا سبحان الله أنا في كَفٍّ من ماء أسرفت وأنت في هذا الجمع كله لم تسرف، فعلم الطنافسي أنه أراده بذلك ولم يُرد منه التعلم.

قال ابن النحاس بعد إيراد القصة وقد اختصرتها قال: فالعالم إذا خالف عمله علمه وكَذّب فعله قوله كان ممقوتاً في الأرض والسماء، مضلّة لمن رام به الاقتداء، وإذا أمر غيره بغير مايعمل مَجَّتْ الأسماع كلامه، وقَلّت في الأعين مهابته، وزالت من القلوب المؤمنة مكانته، كما قال مالك بن دينار: إن العالِم إذا لم يعمل بعلمه تزل موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا.

قال ابن تيمية في سياق كلام له في الثناء على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وحتى رُوي عنه أنه حَرّق الكتب العجمية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015