هذا الحديث محتو على أصلين:
أحدهما: أن المشقة تجلب التيسير، وذلك أصل كبير من أصول الشريعة، من جملته: أن هذه الأشياء التي يشق التحرز منها طاهرة، لا يجب غسل ما باشرت بفيها أو يدها أو رجلها، لأنه علل ذلك بقوله: «إنها من الطوافين عليكم والطوافات» كما أباح الاستجمار في محل الخارج من السبيلين، ومسح ما أصابته النجاسة من النعلين والخفين، وأسفل الثوب، وعفا عن يسير طين الشوارع النجس، وأبيح الدم الباقي في اللحم والعروق بعد الدم المسفوح، وأبيح ما أصابه فم الكلب من الصيد، وما أشبه ذلك مما يجمعه علة واحدة، وهي المشقة.
الثاني: أن الهرة وما دونها في الخلقة كالفأرة ونحوها طاهرة في الحياة لا ينجس ما باشرته من طعام وشراب وثياب وغيرها، ولذلك قال أصحابنا: الحيوانات أقسام خمسة: من حيث الطهارة، النجاسة.
أولها: نجس حيا وميتا في ذاته وأجزائه وفضلاته، وذلك كالكلاب والسباع كلها، والخنزير ونحوها.
الثاني: ما كان طاهرا في الحياة نجسا بعد الممات، وذلك كالهرة وما دونها في الخلقة، ولا تحله الذكاة ولا غيرها.
الثالث: ما كان طاهرا في الحياة وبعد الممات، ولكنه لا يحل أكله، وذلك كالحشرات التي لا دم لها سائل.
الرابع: ما كان طاهرا في الحياة وبعد الذكاة، وذلك كالحيوانات المباح أكلها، كبهيمة الأنعام ونحوها.
الخامس: ما كان طاهرا في الحياة وبعد الممات، ذُكِّيَ أو لم يذك وهو