وفيه الاعتراف بنعمته آخرا، كما اعترف بها أولا، في قوله: «لربنا حامدون» .
فكما أن على العبد أن يحمد الله على التوفيق لفعل العبادة والشروع في الحاجة، فعليه أن يحمد الله على تكميلها وتمامها، والفراغ منها، فإن الفضل فضله، والخير خيره، والأسباب أسبابه. والله ذو الفضل العظيم.
الحديث السادس والثمانون عن جابر بن عبد الله رضي الله عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ ومُسْلِمٌ والنسائي.
هذا كلام جامع استدل به أهل العلم على مشروعية جميع ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وما قاله في حجه وجوبا في الواجبات، ومستحبا في المستحبات، وهو نظير قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة: «صلوا كما رأيتموني أصلي» فكما أن ذلك يشمل جزئيات الصلاة كلها، فهذا يشمل جزئيات المناسك كلها.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام حسن جدا في خلاصة حج النبي صلى الله عليه وسلم، ذكره في " القواعد النورانية "، فقال قدس الله روحه ورضي عنه:
وقد ثبت بالنقل المتواتر عند الخاصة من علماء الحديث من وجوه كثيرة في " الصحيحين " وغيرهما: أنه صلى الله عليه وسلم لما حج حجة الوداع أحرم هو والمسلمون من ذي الحليفة. فقال: «من شاء أن يهل (?) بعمرة فليفعل، ومن شاء أن يهل بحجة فليفعل، ومن شاء أن يهل بعمرة وحجة فليفعل» فلما قدموا وطافوا بالبيت وبين الصفا والمروة، أمر جميع المسلمين الذين حجوا معه أن يحلوا من