قسم مشترك بين الرجال والنساء من أصناف اللباس وغيره، فهذا جائز للنوعين؛ لأن الأصل الإباحة، ولا تشبه فيه.
وقسم مختص بالرجال، فلا يحل للنساء، وقسم مختص بالنساء، فلا يحل للرجال.
ومن الحكمة في النهي عن التشبه: أن الله تعالى جعل للرجال على النساء درجة، وجعلهم قوامين على النساء، وميزهم بأمور قدرية، وأمور شرعية، فقيام هذا التمييز وثبوت فضيلة الرجال على النساء، مقصود شرعا وعقلا. فتشبه الرجال بالنساء يهبط بهم عن هذه الدرجة الرفيعة. وتشبه النساء بالرجال يبطل التمييز.
وأيضا، فتشبه الرجال بالنساء بالكلام واللباس ونحو ذلك: من أسباب التخنث، وسقوط الأخلاق، ورغبة المتشبه بالنساء في الاختلاط بهن، الذي يخشى منه المحذور، وكذلك بالعكس.
وهذه المعاني الشرعية، وحفظ مراتب الرجال ومراتب النساء، وتنزيل كل منهم منزلته التي أنزله الله بها، مستحسن عقلا، كما أنه مستحسن شرعا.
وإذا أردت أن تعرف ضرر التشبه التام، وعدم اعتبار المنازل، فانظر في هذا العصر إلى الاختلاط الساقط الذي ذهبت معه الغيرة الدينية، والمروءة الإنسانية، والأخلاق الحميدة، وحل محله ضد ذلك من كل خلق رذيل.
ويشبه هذا - أو هو أشد منه - تشبه المسلمين بالكفار في أمورهم المختصة بهم، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» فإن التشبه الظاهر يدعو إلى التشبه الباطن، والوسائل والذرائع إلى الشرور قصد الشارع حسمها من كل وجه.