وروي عنه عليه السلام أنه قال: " من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويقبض المال، ويكثر التجار، ويظهر القلم ".يعني الكتابة.

قال الحسن البصري: لقد أتى علينا زمان وإنما يقال: تاجر بني فلان وكاتب بني فلان، ما يكون في الحي إلا التاجر الواحد والكاتب الواحد، قال الحسن: لقد كان الرجل يأتي الحي العظيم فلا يجد به كاتباً.

وفي الحديث المرفوع: " فشوُّ القلم، وفشو التجارة من أشراط الساعة " يعني بقوله فشو القلم: ظهور الكتابة وكثرة الكتّاب.

روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أتربوا الكتب وسجُّوها من أسفلها فإنه أنجح للحاجة ".

وفي خبر آخر عنه عليه السلام: " إذا كتب أحدكم في حاجة فليترب كتابه، فالبركة في التراب ".

وروى عن بعض أهل التفسير في قول الله عز وجل حاكياً عن يوسف عليه السلام: " اجعلني على خزائن الأرض إنِّي حفيظٌ عليمٌ ". قال كاتب حاسب.

كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة منهم: أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وعلي وعثمان، وحنظلة الأسديّ، ومعاوية، وعبد الله بن الأرقم، وكان كاتبه المواظب له في الرسائل والأجوبة زيد بن ثابت، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعلم السريانية ليجيب عنه من كتب إليه بها، فتعلمها في ثمانية عشر يوماً.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لكاتبه عبيد الله بن أبي رافع: إذا كتبت فألن دواتك، وأطل من قلمك، وفرج بين السطور، وقارب بين الحروف.

كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله: إذا كتبتم فأرقّوا الأقلام، وأقلوا الكلام واقتصروا على المعاني، وقاربوا بين الحروف، تكتفوا من القراطيس بالقليل.

كانت العرب تسمي كل صانع قيناً إلاّ الكاتب.

قالوا: القلم أحد اللسانين.

قالوا: الخطّ الحسن يزيد الحق وضوحاً.

قال المأمون: الخطّ لسان اليد، وهو أفضل أجزاء اليد.

قال بعض الملوك: للكاتب الناصح ثلاث خصال: رفع الحجاب عنه، واتهام الوشاة عليه، ودفع غائلة العدوّ عنه.

قال ابن القرِّيّة: خط القلم يقرأ بكل مكان، وفي كل زمان، ويترجم كل لسان، ولفظ الإنسان لا يجاوز الآذان.

قال أبو ساسان حضين بن المنذر: ما رأيت بارياً لا يقيم الخط إلا رأيته لا يقيم الشعر.

قيل لنصر بن سيار: فلان لا يخطّ، قال:تلك الِّزمانة الخفية.

قال بعض البلغاء: صورة الخط في الإبصار سواد، وفي الأنصار بياض، وهذا عندي مأخوذ من قول ابن المعتز: القلم يخدم الإرادة، ولا يمل الاستزادة، على أرض بياضها مظلم، وسوادها مضيء. أمر أبو جعفر المنصور بسجن طائفة من الكتاب غضب عليهم، فكتب إليه بعضهم من طريق السجن:

أطال الله عمرك في صلاحٍ ... وعزٍّ ياأمير المؤمنينا

بعفوك نستجير فإن تجرنا ... فإنَّك رحمةٌ للعالمينا

ونحن الكاتبون وقد أسأنا ... فهبنا للكرام الكاتبينا

وذكر هذا الخبر الحارث بن أسامة في كتابه المعروف بكتاب الخلفاء، وفي أخبار المنصور: أن أحزاباً من الكتاب ترددوا في ديوان داره، فأمر بإحضارهم وتقدم من تأديبهم، فقال واحد منهم، وهو يضرب: أطال الله عمرك، وذكر الأبيات الثلاثة فعفا عنهم وأمر بتخليتهم.

قال ابن القاسم: سئل مالك عن النصراني أيستكتب؟ قال: لا أرى ذلك، وذلك أن الكاتب يستشار، فيستشار هذا في أمور المسلمين! ، ما يعجبني أن يستكتب.

قال بعض الحكماء لبنيه: يا بني تزيوا بزيّ الكتّاب، فإن فيهم أدب الملوك وتواضع السوقة. قدم كتاب أبي عبيدة على عمر بن الخطاب، وعنده أبو موسى، فقال له: يا أبا موسى! ادع كاتبك حتى يقرأ كتاب أبي عبيدة بالفتح. فقال: إنه لا يدخل المسجد. قال: ولم، أجنبٌ هو؟ قال: لا. ولكنه نصرانيّ، فصاح عليه صيحة وانتهره، قال: عزمت عليك إلا عزلته، ثم قال: لا تقرّبوهم بعد أن أبعدهم الله، ولا تكرموهم بعد أن أهانهم الله، ولا تشاوروهم بعد أن جهّلهم الله، قال أبو موسى: فعزلته وطردته.

قال أبو عمر رحمه الله: كيف يؤتمن على سر أو يوثق به في أمر، من دفع القرآن وكذب النبي عليه السلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015