إذا أبى الله شيئاً ضاق مذهبه ... على الكبير العريض القدر والجاه
وقال أبو العتاهية:
خير المذاهب في الحاجات أنجحها ... وأضيق الأمر أدناه إلى الفرج
كتب سوار بن عبد الله بن سوار القاضي إلى محمد بن عبد الله بن طاهر:
لنا حاجةٌ والعذر فيها مقدَّمٌ ... خفيفٌ معنَّاها مضاعفة الأجر
فإن تقصنها فالحمد لله ربِّنا ... وإن تكن الأخرى ففي أوسع العذر
على أنَّه الرَّحمن معطٍ ومانعٌ ... وللرِّزق أسبابٌ إلى قدرٍ تجري
فأجابه محمد بن عبد الله بن طاهر:
فسلها تجدني موجباً لقضائها ... سريعاً إليها لا يخالطني فكر
شكورٌ بإفضالي عليك بمثلها ... وإن لم تكن فيما حوته شكر
فهذا قليلٌ لَّلذي قد رأيته ... لحقِّك لا منٌّ من لديّ ولا فخر
قال معاوية يوماً لعمرو بن العاص: لي إليك حاجة. قال: ولي إليك حاجة ياأميرالمؤمنين. قال:تهب لي الوهط. قال: هو لك يا أمير المؤمنين. قال معاوية: اذكر حاجتك قال: ترده علي.
قال جعفر بن محمد: حاجة الرجل إلى أخيه فتنة لهما، إن أعطاه شكر من لم يعطه، وإن منعه ذم من لم يمنعه. قال خالد بن صفوان: لاتطلبوا الحوائج عند غير أهلها، ولا تطلبوها في غير حينها، ولا تطلبوا مالا تستحقون منها، فإن من طلب مالا يستحق استوجب الحرمان.
كان يقال: إذا طلب العاقل إلى كريم حاجة انقضت، لأن العاقل لا يطلب إلا ما يمكن، والكريم إذا سئل ما يمكن لم يمنع.
كان يقال: إذا أحببت أن تطاع، فلا تسل مالا يستطاع.
قال عامر بن خالد بن جعفر ليزيد بن الصَّعق:
إنك إن كلَّفتني ما لم أطق ... ساءك ما سرَّك منِّي من خلق
قال رجل للأحنف: أتيتك في حاجة لا تزرؤك ولا تنكؤك. قال: إذاً لا تقضى، أمثلي يؤتي فيما لا يرزأ ولا ينكأ.
قال رجل للعباس بن محمد، أو لعبد الله بن عباس: أتيتك في حاجة صغيرة، قال: فاطلب لها رجلاً صغيراً.
قيل لآخر: أتيتك في حاجة. قال: اذكرها، فإن الحرّ يقوم بصغير الحاجات وكبيرها.
كان يقال: لا تستعن على حاجة بمن هي طعمته، ولا تستعن بكذاب، فإنه يقرب البعيد ويباعد القريب، ولا تستعن على رجل بمن له إليه حاجة.
قال ابن المقفع: الحاجة يعتري صاحبها الخيفة من مكانين: الاستقبال بها قبل وقتها، والثاني حتى تفوت، وأنشد:
وقد يفوت أناساً بعض ما طلبوا ... عند التَّأنِّي فكان الحزم لو عجلوا
قال أبو فزارة الغاضريّ: أصل العبادة ألا تسأل سوى الله حاجة، فلكل أحد في الله عوض من كل أحد، وليس لأحد من الله عوض بأحد.
سأل رجل مطرّف بن عبد الله بن الشِّخّير حاجة، فقال:من كانت له إلي حاجة فليكتبها في رقعة، فإني أرغب بوجوهكم عن مكروه السؤال.
كان يقال: لا تصرف حوائجك إلى من معيشته في رءوس المكاييل والموازين.
قال العرزمي وروى لأبي الأسود الدؤلي:
وإذا طلبت إلى كريم حاجةً ... فلقاؤه يكفيك والتَّسليم
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجةً ... فألحَّ في رفقٍ وأنت مديم
وقال آخر:
لا تطلبنَّ إلى لئيمٍ حاجةً ... واقعد فإنَّك قائماً كالقاعد
ياخادع البخلاء عن أموالهم ... هيهات تضرب في حديدٍ باردٍ
وقال أمية بن أبي الصلت يمدح عبد الله بن جدعان:
أأطلب حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إنَّ شيمتك الحياء
كريمٌ لا يغيِّره صباحٌ ... عن الفعل الجميل ولا مساء
إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرُّضه الثَّناء
وقال جرير يخاطب عمر بن عبد العزيز:
أأذكر الضُّرَّ والبلوى التي نزلت ... أم أكتفي بالذي بلِّغت من خبري
وقال آخر:
كفاك مذكِّراً وجهي بأمري ... وحسبي أن أراك وأن تراني
وقال آخر:
أروح بتسليمٍ عليك وأغتدي ... وحسبك بالتَّسليم منِّي تقاضيا
كفى بطلاب المرء ما لا يناله ... عناءً وباليأس المصرَّح ناهيا
وقال آخر:
تخلَّ لحاجتي واشدد قواها ... فقد أمست بمنزلة الضَّياع
إذا أرضعتها بلبان أخرى ... أضرَّتها مشاركة الرَّضاع
وقال آخر: