لابن أبي عيينة، أو لمحمد بن يسير:
ما راح يوم على حيً ولا ابتكرا ... إلا رأى عبرةً فيه إن اعتبرا
ولا أتت ساعة في الدهر وانصرمت ... حتى تؤثر في قوم لها أثرا
وأن الليالي والأيام أنفسها ... عن عيب أنفسها لم تكتم الخبرا
قال بكر بن حماد:
الناس حرصي على الدنيا وقد فسدت ... فصفوها لك ممزوج بتكدير
فمن مكب عليها لا تساعده ... وعاجزٍ نال دبياه بتقصير
لم يدركوها بعقلٍ عندما قسمت ... وإنما أدركوها بالمقادير
لو كان عن قوةٍ أو عن مغالبة ... طار البزاة بأرزاق العصافير
ويقال: إنها مكتوبة على قائم سيف الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما قل وكفي، خير مما كثر وألهي ".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " القناعة مال لا ينفد، وما عال من اقتصد ".
وقال عليه السلام: " خير الرزق ما يكفي، وأفضل الذكر الخفي ".
وقال عليه السلام: " إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، خذوا ما حل، ودعوا ما حرم ".
قال أبو هريرة، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقنع بما رزقت تكن أغنى الناس ".
قال علي بن أبي طالب: الزاهدون في الدنيا قوم وعظوا فاتعظوا، وأيقنوا فعملوا، إن نالهم يسر شكروا، وإن نالهم عسر صبروا.
وفي الخبر المرفوع: " عز المؤمن استغناؤه بربه عن الناس ".
قال سعيد بن المسيب: من استغنى بالله افتقر الناس إليه.
قال الحطيئة:
استغن عن كل ذي قربى وذي رحم ... إن الغنى من استغنى عن الناس
قال أوس بن حارثة لابنه: يا بني! خير الغنى القناعة، وشر الفقر الخضوع.
قال الحسن وعكرمة في قول الله عز وجل: " فلنحيينه حياة طيبةً "، قالا: القناعة.
أبلغ شيءٍ جاء في القناعة، قول علي رضى الله عنه: لا تحمل قوت غدك الذي لم يأت، على يومك الذي قد أتى، فإنه إن يكن من أيام حياتك جاءك وفيه رزقك، وأعلم أنك لم تدخر أكثر من قوت يومك إلا كنت فيه خازناً لغيرك.
قال عيسى عليه السلام: يا معشر الحواريين! بحقً ما أقول لكم: ما زهد في الدنيا من جزع على المصيبة فيها.
وقيل له: يا روح الله! لو اتخذت حماراً تركبه؟ قال: أنا أعز على الله من أن يجعل لي شيئاً يشغلني به.
قال أكثم بن صيفي: من لم يأس على ما فاته أراح نفسه.
سئل ابن شهاب عن الزهد في الدنيا، فقال: الزهد ألا يغلب الحرام صبرك، ولا الحلال شكرك.
قال مالك بن أنس، وسفيان الثوري: الزهد في الدنيا قصر الأمل.
قال بعض الحكماء: إذا كان سعيك إنما هو لطلب الراحة في الدنيا، ثم سعيت لأكثر مما يكفيك لم تزدد من الراحة والدعة إلا بعداً.
قال سفيان أو إبراهيم بن أدهم: الزهد زهدان؛ فزهد فرضٍ، وزهد فضل. فالزهد في الحرام فرض، والزهد في الحلال فضل. والورع ورعان، فالورع عن المعاصي فرض، والورع عن الشبهات حذر وفضل.
سئل الخليل بن أحمد عن الزهد في الدنيا، فقال: الزهد ألا تطلب المفقود حتى تفقد الموجود.
قال إبراهيم بن أدهم: إذا بات الملوك على اختيارهم لأنفسهم، فبت على اختيار الله لك وارض به.
أصيب مكتوباً على صخرة: لست مدركاً أملك، ولا فائتاً أجلك، ولا آخذاً ما ليس لك.
وفي موضع آخر: القضاء غالب، والأجل طالب، والمقدور كائن، والهم فضل.
قال بعض الحكماء: القفاعة. ثوب لا يبلى، وهي شعار الأنبياء.
ولابن المبارك:
لله در القنوع من خلقٍ ... كم من وضيعٍ به قد ارتفعا
يضيق صدر الفتى بحاجته ... ومن تأسى بدونه اتسعا
قال بعض الحكماء لبنيه: يا بني! أظهروا الزهد والنسك، فإن رأى الناس أحدكم بخيلا قالوا: مقتصد لا يحب الإسراف، وإن رأوه عييا قالوا: يكره الكلام فيما لا يعنيه، ويؤثر الصمت خير من مقال يرديه، وإن رأوه جباناً قالوا: لا يقدم على الشبهات.
قال العتبي، كان يقال: من عدم القناعة، لم تزده الثروة إلا عناءً.
قال أبو العتاهية:
تبغي من الدنيا الكثير وإنما ... يكفيك منها مثل زاد الراكب