قيل لعلي: كم بين السماء والأرض؟ قال: دعوة مستجابة. قيل: فكم بين المشرق والمغرب؟ قال: مسيرة يوم للشمس. من قال غير هذا فقد كذب.
سألت هند بنت النعمان سعيد بن العاص حاجةً فقضاها، فدعت له فقالت: لا أزال الله عنك نعمةً، ولا أحوجك إلى لئام الناس عند حاجة، وإذا زالت عن كريمٍ نعمة يجعلك الله سبباً لردها عليه.
ودعا رجل لرجل فقال: لا جعلك الله آخراً تتكل على أول.
كان يقال: أربعة لا ترد لهم دعوة: الصائم حتى يفطر، والذاكر حتى يفتر، والإمام العدل، ودعوة المظلوم.
دعاء لي: اللهم اجعلني مكثراً لذكرك، مؤدياً لحقك، حافظاً لأمرك، راجياً لوعدك، راضياً في كل حالاتي عنك، راغباً في كل أموري إليك، مؤملاً لفضلك، شاكراً لنعمك، يا من تحب العفو والإحسان وتأمر بهما، اعف عني وأحسن إلي، فإنك بالذي أنت له أهل من عفوك، أحق مني بالذي أنا له أهل من عقوبتك، اللهم ثبت رجاءك في قلبي، واقطعه عمن سواك حتى لا أرجو غيرك، ولا أستعين إلا إياك.
ودعاء لي أيضاً: اللهم هب لي اليقين والعافية، وإخلاص التوكل عليك، والاستغناء عن خلقك، واجعل خير عملي ما قارب أجلي، رب! ظلمت نفسي فاغفر لي يا خير الغافرين، ويا أرحم الراحمين.
قال بعض الأعراب، في وصف دعوة:
وساريةٍ لم تسر في الليل تبتغي ... محلاً ولم يقطع بها البيد قاطع
سرت حيث لم تسر الركاب ولم تنخ ... لوردٍ ولم يقصر لها القيد مانع
تحل وراء الليل والليل ساقط ... بأرواقه فيه سمير وهاجع
تفتح أبواب السماوات دونها ... إذا قرع الأبواب منهن قارع
إذا أوفدت لم يردد الله وفدها ... على أهلها والله راءٍ وسامع
وإني لأرجو الله حتى كأنما ... أرى بجميل الظن ما الله صانع
أمر المنصور أبو جعفر بأشخاص سوار بن عبد الله القاضي إليه من البصرة بعد قتل إبراهيم ابن عبد الله بن حسن، فلما قدم عليه قال له: يا سوار! ضربني أهل البصرة بمائة ألف سيف من غير جناية، لأفعلن بهم ولأفعلن. فقال له سوار: يا أمير المؤمنين! إن لأهل البصرة سلاحاً لا تطيقه. قال: أبسلاحهم تخوفني لا أم لك يا أمير المؤمنين: إنه دعاء بالأسحار.
ووقف أعرابي على قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أوصيتنا فقبلنا منك، وحفظنا عنك مما وعيت عن ربك: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما "، وقد ظلمنا أنفسنا فاستغفر الله لذنوبنا، وقد أتيناك فاستغفر لنا. ثم بكى.
ومما جاء من الدعاء منظوماً عن الحكماء، قال محمود الوراق:
يا رب كن لي ولياً ... بالحفظ حتى أطيعك
فإن ذممت صنيعي ... فقد حمدت صنيعك
أو كنت أعصيك إني ... أحب فيك مطيعك
قال منصور الفقيه:
أصلح الله كل من ... يتولى أمورنا
ووقانا شرورهم ... ووقاهم شرورنا
وقال آخر:
وإني لأدعو الله والأمر ضيق ... على فما ينفك أن يتفرجا
ورب فتىً سدت عليه وجوهه ... أصاب لها في دعوة الله مخرجا
وقال آخر:
بالله تتسع الفجا ... ج إذا تضايقت المذاهب
وقال آخر:
أيا من لا يخيب لديه راجٍ ... ولم يبرمه إلحاح المناجي
ويا ثقتي على ظلمي وجرمي ... وإيثاري التمادي في اللجاج
أقلني عثرتي وتلاف أمري ... وهب لي منك عفواً واقض حاجي
فما لي غير إقراري بذنبي ... لنفسي دون عذرٍ واحتجاج
قال صحار بن عابد، رأيت حسن البصري بطريق مكة، وهو يحدو:
يا فالق الإصباح أنت ربي
وأنت مولاي وأنت حسبي
فأصلحن باليقين قلبي
ونجني من كرب يوم الكرب
كان يقال: عليكم بالدعاء في أوقات الصلوات، فإنها اختيرت في أفضل الأوقات.
ولمنصور الفقيه أو الشافعي:
يا سميع الدعاء كن عند ظني ... واكفني من كفيته الشر مني
وأعني على رضاك وخر لي ... في أموري، وعافني واعف عني
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر ".