وقبل منعاي إلى نسوةٍ ... أوطانها حران والرقتان
قال عبد الرحمن بن أبي بكرة: من تمنى طول العمر، فليوطن نفسه على المصائب، وأقلها فقد الأحبة والقرابات.
قال لبيد:
المرء يأمل أن يعي ... ش وطول عيشٍ قد يضره
تفني بشاشته ويبقى ... بعد حلو العيش مره
وتخونه الأيام حتى ... لا يرى شيئاً يسره
قال التيمي:
إذا كانت السبعون سنك لم يكن ... لدائك إلا أن تموت طبيب
وإن امرءاً قد سار سبعين حجةً ... إلى منهلٍ من ورده لقريب
إذا ما مضى القرن الذي كنت فيهم ... وخلفت في قرنٍ فأنت غريب
قام أبو العباس عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب، فوجد في ظهره ما يجد الكبير، فأنشأ يقول:
ولقد كنت كالقناة قديماً ... ثم نادت بي الحوادث طاط
فتضويت للحوادث رغماً ... بعد تعديل قامةٍ وشطاط
وأديم قد كان يبرق حسناً ... فتغشى الأديم بعد انبساط
قال محمود الوراق:
ابيض مني الرأس بعد سواده ... ودعا المشيب شبيبتي لنفاد
واستحصد القوم الذي أنا منهم ... وكفى بذاك علامة لحصادي
كان أبو بكر بن عياش قد بلغ ثمانين سنة، فكان يتمثل:
بلغت ثمانين أو جزتها ... فماذا أؤمل أو أنتظر
ومما ينسب إلى بلعام بن راشد السكسكي:
إذا ما المنايا أخطأتك وصادفت ... حميمك فاعلم أنها ستعود
ولما رأيك الشيب أيقنت أنه ... رجوع غضارات الشباب بعيد
وقال منصور النمري:
ما تنقضي خسرة مني ولا جزع ... إذا ادكرت شباباً ليس يرتجع
ما كدت أوفي شبابي كنه عزته ... حتى مضى فإذا الدنيا له تبع
وقال محمود الوراق:
أيها النادب الشباب الذي قد ... كنت تجفوه مرةً وتعقه
لو بكيت الشباب عمر الليالي ... لم تكن باكياً بما يستحقه
قال أبو العتاهية:
مضى عني الشباب بغير أمري ... فعند الله أحتسب الشبابا
فزعت إلى خضاب الشيب منه ... وإن نصوله فضح الخضابا
وما من غايةٍ إلا المنايا ... لمن خلقت شبيبته وشابا
وقال محمود الوراق:
سقياً لأيامٍ تولت بها ... أحسن ما كانت صروف الزمن
إذ أنت في شرخ الشباب الذي ... يحسن فيه منك غير الحسن
ولي وما الدنيا بأقطارها ... لليوم والساعة منه ثمن
ولمحمود الوراق أيضاً:
إذا ما دعوت الشيخ شيخاً هجوته ... وحسبك مدحا للفتى قول يا فتى
أشبه أيام الشباب التي مضت ... وأيامنا في الشيب بالفقر والغنى
وقال آخر:
إذا رأيت صلعاً في الهامه ... وحدباً بعد اعتدال القامه
وصار شعر الرأس كالثغامه ... فايئس من الصحة والسلامه
وقال النمر بن تولب:
يحب الفنى طول السلامة والبقا ... فكيف ترى طول السلامة يفعل
يرد الفنى بعد اعتدالٍ وصحة ... ينوء إذا رام القيام ويحمل
وكان النضر بن شميل ينشد:
يحب بقائي المشفقون ومدتيإلى أجل لو يعلمونقريب
وما إن أرى في أرذل العمر بعدما ... لبست شبابي كله ومشيبي
وأصبحت في قومٍ كأن لست منهم ... وبانت لداتي منهم وضروبي
وقال رجل ليزيد بن هرون: يا أبا خالد! كيف أصبحت؟ فقال:
أصبحت لا يحمل بعضي بعضا
كأنما كان شبابي قرضا
فاستؤدي القرض فكان فرضا
وصرت عوداً نخراً مرفضاً
وقال حميد بن ثور:
أرى بصري قد رابني بعد صحةٍ ... وحسبك داءً أن تصح وتسلما
ولن يلبث العصران يوماً وليلةً ... إذا طلبا أن يدركا ما تيمما
وقال لبيد بن ربيعة:
كانت قناتي لا تلين لعامزٍ ... فألانها الإصباح والإمساء
ودعوت ربي في السلامة جاهداً ... ليصحني فإذا السلامة داء
وقال لبيد أيضاً: