قال بعض الحكماء: أفضل ما يورِّث الآباء الأبناء: الثناء الحسن، والأدب النافع، والإخوان الصالحون، وأنشدوا:؟
ويعدم عاقلٌ أدباً فيجفو ... وتنسبه إلى غلظ الطِّباع
ومنزلة التَّأدب من أديبٍ ... بمنزلة السِّلاح من الشُّجاع
قال عبد الملك بن مروان لبنيه: يا بنيّ لوعداكم ما أنتم فيه ما كنتم تعوّلون عليه؟ فقال الوليد: أما أنا ففارس حرب، وقال سليمان: أما أنا فكاتب سلطان، وقال ليزيد: فأنت؟ فقال: يا أمير المؤمنين!؟ ما تركاغاية لمختار. فقال عبد الملك: فأين أنتم يا بنيّ من التجارة التي هي أصلكم ونسبتكم؟ فقالوا: تلك صناعة لا يفارقها ذل الرغبة والرهبة، ولا ينجوصاحبها من الدخول في جملة الدّهماء والرعية، قال: فعليكم إذاً بطلب الأدب، فإن كنتم ملوكاً سدتم، وإن كنتم أوساطاً رأستم، وإن أعوزتكم المعيشة عشتم.
قال عبد الله بن مسعود: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتخوَّلنا بالموعظة مخافة السّآمة علينا.
وكان عليُّ بن أبي طالب يقول: إنّ هذه القلوب تملّ كما تملُّ الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
وقال عليٌّ رضي الله عنه: نبّه بالتفكّر قلبك، وجاف عن النوم جنبك، واتق الله ربّك.
قال أبو الدّرداء: إني لأستجمُّ قلبي بشيءٍ من اللهو، ليكون أقوى لي على الحقّ.
قال عبد الله بن مسعود: أريحوا القلوب، فإن القلب إذا أكره عمى.
وقال أيضاً: إنّ للقلوب شهوةً وإقبالا، وفترة وإدباراً، فخذوها عند شهواتها وإقبالها، وذروها عند فترتها وإدبارها.
كان يقال: الملالة تفسخ المودّة، وتولّد البغضة، وتنغّص اللّذة.
قال أرسطو طاليس: ينبغي للرّجل أن يعطي نفسه لذّتها في النهار ليكون ذلك عوناً لها على سائر يومه.
في صحف إبراهيم عليه السّلام: وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات: ساعةٌ يناجي فيها ربّه، وساعةٌ يحاسب فيها نفسه، وساعةٌ يخلّي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحلّ ويجمل، فإنّ هذه الساعة عونٌ له على سائر السّاعات.
قال عمر بن عبد العزيز: تحدثوا بكتاب الله تعالى، وتجالسوا عليه، وإذا مللتم فحديثٌ من أحاديث الرّجال حسنٌ جميل.
وقال بعض الحكماء من السَّلف: القلوب تحتاج إلى قوتها من الحكمة كما تحتاج الأبدان إلى قوتها من الغذاء.
دخل عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز على أبيه، وهو في نوم الضّحى، فقال: يا أبت إنّك لنائم، وإنّ أصحاب الحوائج لراكدون ببابك فقال: يا بنيَّ إن نفسي مطيّتي، وإن حملت عليها فوق الجهد قطعتها.
قال الحسن البصريُّ رضي الله عنه: حادثوا هذه القلوب، فإنّها سريعة الدُّثور، وأفزعواهذه النفوس فإنها طلعة، وإن لم تفعلوا هوت بكم إلى شرّ غاية.
وقال غيره من العلماء: حادثوا هذه القلوب فإنّها تصدأ كما يصدأ الحديد، وقد روي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، أنه قال: " إنّ هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد ". قالوا: فما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: " تلاوة القرآن ".
كان يقال: الفكرة مرآة المؤمن، تريه حسنه من قبيحه.
كان يقال: التفكر نورٌ، والغفلة ظلمة.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من أصبح منكم آمناً في سربه، معافىً في جسمه، معه قوت يومه، فكأنّما حيزت له الدنيا ".
كان عمر بن الخطاب يعجبه قول عبدة بن الطبيب:
المرء ساعٍ لأمرٍ ليس يدركه ... والعيش شحٌ وإشفاقٌ وتأميل
قال أبو يعلى: حدثنا الأصمعي، قال: حدثنا محمد بن حرب الزِّيادي، قال: حدثني أبي قال: قال زيادٌ لجلسائه: من أغبط الناس عيشاً؟ قالوا: الأمير وجلساؤه. فقال:ما صنعتم شيئاً، إنّ لأعواد المنابر هيبة، وإنّ لفرع لجام البريد لفزعة، ولكن أغبط النّاس عندي: رجل له دارٌ لا يجري عليه كراؤها، وله زوجة صالحة، قد رضيته ورضيها فهما راضيان بعيشهما، لا يعرفنا ولا نعرفه، فإنّه إن عرفنا وعرفناه أتعبنا ليله ونهاره، وأفسدنا دينه ودنياه.
قال عمر: لما فتح الله على رسوله بني النضير وغيرهما، كان يتخذ منها لنفسه وعياله قوت سنة، ثم يجعل الباقي في الكراع والسّلاح في سبيل الله.
وقال سليمان: إذا أحرزت النفس قوتها اطمأنت.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " إذا تمنّى أحدكم فليكثر، فإنّما يسأل ربّه ".