ودع التَّواضُعَ في اللّباس تحرّياً ... فاللهُ يعلم ما تجنُّ وتكتمُ
فَدَنِىّ ثوبِك لا يزيدُك زُلْفَةً ... عند الإله وأنت عبدٌ مُجْرمُ
وبهاءُ ثوبِك لا يضرُّك بعد أنّ ... تخشى الإله، وتَتّقى ما يَحْرُمُ
كان بكر بن عبد الله المزني، يقول: البسوا ثياب الملوك، وأميتوا قلوبكم بالخشية.
وقال الحسن: إن قوماً جعلوا خشوعهم في لباسهم، وكبرهم في صدورهم، وشهروا أنفسهم بلباس هذا الصوف، حتى إن أحدهم بما يلبس من الصوف أعظم كبراً من صاحب المطرف بمطرفه.
قال الوليد بن مزيد: كان الناس عندنا يلبسون الأردية، وكان الأوزاعي يلبسها، فترك الناس لبسها ولبسوا السيجان، فرأيت الأوزاعي قد ترك لبس الأردية ولبس الساج، فقلت له: يا أبا عمرو! كنت تلبس الأردية فتركتها ولبست الساج، فما الذي دعاك إلى ذلك، فقال: يا ابن أخي! رأيت الناس يلبسون الأردية فلبستها معهم، وتركوها فتركتها معم، ولبسوا السيجان فلبست معهم، ولو عادوا إلى الأردية لعدت معهم.
قال سفيان بن حسين: قلت لإياس بن معاوية: ما المروءة؟ قال: أما في بلدك فالتقوى، وأما حيث لا تعرف فاللباس.
روى بقية عن الأوزاعي، قال: بلغني أن لباس الصوف في السفر سنة، وفي الحضر بدعة.
كان النبي صلى الله عليه وسلم، يحب من الألوان الخضرة ويكره الحمرة، ويقول: " هي زينة السلطان ".
قال مالك بن الأشتر لعلي بن أبي طالب: تمام جمال المرأة في خفها، وتمام جمال الرجل في عمامته.
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسامة بن زيد في بعض السرايا فعممه بيده وسدل طرف عمامته.
قيل لأعرابي: إنك لتديم لبس العمامة؟ قال: إن عضواً فيه السمع والبصر لحقيق أن يوقى من الحر والقر.
روى عن النبي عليه السلام، أنه قال: " الشعر الحسن كسوة الله، فأكرموه ".
وقال عليه السلام لأبي قتادة: " رجل جمتك وأحسن إليها وأكرمها ".
قال أبو هريرة: إذا كان في الرجل ثلاث فهو الكامل، إذا فخر في المجلس وأحسن جوابات الكتب، وأحسن كور العمامة.
روى الرياشي وأبو حاتم عن الأصمعي، قال: ألا أدلك على لباس إن لبسته كان سريا، وإن رفعته كان بهيا، وإن ذخرته كان طرياً؟ قال: نعم. قال: عليك بالتقوى. قال: ألا أدلك على خليلٍ إن صحبته صانك، وإن احتجت إليه مانك، وإن تجرت به أربحك، وإن ترحلت به حملك؟ قال: نعم. قال: عليك بالأدب. ثم قال: ألا أدلك على بستانٍ تكون منه في أكمل روضة، وميت يخبرك عن المتقدمين، ويذكرك إذا نسيت، ويؤنسك إذا استوحشت، ويكف عنك إذا سئمت؟ قال: نعم. قال: عليك بالكتاب.
قالت ابنة العوام أخت الزبير لزوجها حكيم بن حزام - وكان كثير المال -: مالك لا تلبس لباس الناس اليوم؟ قال: وما تنكرين من لباسي، وإزاري قطري، وردائي مغافري، وقميصي سابري، وعمامتي خرقانية.
نظر بعض الأمراء إلى رجلٍ في أطماره فازدراه، فقال له: أصلحك الله، لا تنظر إلى هيئتي، ولكن انظر إلى همتي، فأنا - والله - كما قال عبد الله بن زياد:
فإنْ أَكُ قَصْداً في الرجالِ فإنّني ... إذا حلَّ امرؤٌ ساحتي لجسيمُ
وكما قال الآخر:
لا تنظرنّ إلى الثيابِ فإنّني ... خَلِقُ الثَّيَاب، من المُروءةِ كاَسِي
أنشد ثعلب:
وإنما الشّعر عقلٌ أنت تَعْرِضه ... على المجالس إنْ كَيْساً وإن حُمُقا
وإنّ أشعرَ بيتٍ أنت قائُلهُ ... بيتٌ يقالُ إذا أنشَدتَه صَدَقا
البس جديدَك إنّي لابسٌ خَلَقي ... ولا جديدَ لمن لا يلبسُ الخَلَقا
قال عبد الله بن المبارك: مخامر الرجال في اللحى والأكمام، ومخامر النساء تحت القمص.
وأنشد غير واحد للشافعي رحمه الله تعالى:
علّى ثيابٌ لو تباعُ جميعُها ... بفَلْسٍ لكان الفَلْسُ منهنّ أكثّرا
وفيهنّ نفسٌ لو يقاسُ ببعضها ... نقوسُ الورى كانت أجلَّ وأكبراَ
وأخذ هذا المعنى ابن أبي الفضل البصري الشاعر يخاطب المتنبي، فقال:
لئن كان ثوبي فوقَ قيمته الفَلْسُ ... فلي فيه نفسٌ دون قيمتها الإِنسُ
فثوبُك بدر تحت أنواره دُجًي ... وثوبَي ليلٌ تحتَ أطمارِه شمسُ
وسبق إلى هذا المعنى ابن هرمه، فقال: