سمعت في السوق الساعة شيئاً منكراً،ولا ينكره أحد قال:وما سمعت؟ قال:سمعتهم يشتمون الأنبياء! قال:ومن المشتوم من الأنبياء؟ قال:سمعتهم يشتمون معاوية. قال: يا أخي ليس معاوية بنبىّ. قال:فهبه نصف نبىّ لم يشتم.
قال عمرو بن بحر:ذكر لي شيخٌ من الإباضية أنه جرى عنده ذكر الشيعة يوماً فغضب وشتمهم،وأنكر ذلك عليهم إنكاراً شديداً. قال فأتيته يوما فسألته عن سبب إنكاره على الشيعة ولعنه لهم فقال:لمكان الشين في أول الكلمة،لأني لم أجد ذلك قطّ إلا في مسخوط،مثل شومٍ وشرّ وشيطانٍ وشيصٍ وشحّ وشغبٍ وشعبٍ وشركٍ وشتمٍ وشقاقٍ وشطرنج وشينٍ وشانى وشحطٍ وشوصة وشوكٍ وشكوى وشنآن. فقلت له:إن هذا كثير،ما أظنّ أن القوم تقيم لهم علماً مع هذا أبداً كان عندنا رجل شاهدناه،وكان من جيراننا على غاية من الجهل والغباوة،وكان إذا سلّم من صلاته في جماعة أو وحده،يقول:السّلام على الملكين الكاتبين لأبي بكر وعمر،وكان ألثغ يجعل مكان الكاف تاء.
اشترى باقل،وهو رجل من قيس بن ثعلبة عنزاً بأحد عشر درهما،فقالوا له:بكم اشتريت الغز؟ ففتح كفّيه وفرّق أصابعه،وأخرج لسانه،يريد أحد عشر درهماً،فلما عيروه،قال:
يلومون في حمقه باقلاً ... كأنّ الحماقة لم تخلق
فلا تكثروا العذل في عيّه ... فللعىّ أجمل بالأحمق
خروج اللسان وفتح البنان ... أحب إلينا من المنطق
ذكر الصّولى عن ابن الجوهريّ ضروباً من العىّ والحماقة والجهل،وكان له تسبيح ظريف يسبحه بإثر كل صلاة:سبحانك يا عالمين،والحمد لله الأكرمين،ولا إله إلا الله الطيبين،والصلاة على النبي المباركين،وأزواجه أمهات المؤمنين،ونسأل الله خير عوائق الأمور.
رأى معاوية بن مروان بن الحكم حمار طاحونةٍ في عنقه جلجل في حانوت طحان،فقال له: ما بال هذا الحمار في عنقه جلجل؟ فقال:أنا مشتغل في علاجى وطلب معيشتى خارج الحانوت،وبحركة الجلجل أعرف وقوف الحمار فأحرّكه للمشى،فقال له معاوية له:أرأيت إن وقف الحمار وحرّك رأسه فتحرك الجلجل؟ قال الطحان:ومن لحمارى بمثل عقل الأمير؟! ومعاوية هذا هو الذي أمر بغلق باب المدينة إذ انفلت له البازى.
قال طحطاح لابنه يوماً:ما الذي تشتهى؟ قال: رأسي كبشٍ.
فقال له أبوه: لا يكون للكبش رأسان، قال: فرأس كبشين، فضحك منه.
قيل لمخنث: مالكم تحلقون لحاكم؟ فقال: إن البرد لا تعرف إلا بحذف أذنابها.
دخل راكب البريد يوماً على المأمون، فقال له: متى خرجت، أو متى قدمت؟ فقال له:بعد غد يا أمير المؤمنين. فقال له المأمون: فإذاً أتيتنا وبيننا وبينك مرحلتان.
مرض رجلٌ من الأعراب، فعاده جاره، وقال له: ماتجد؟ قال: أشكو دمّلا أهلكني، وزكاماً أضربى. قال له: فقد بلغنا أن إبليس لا يحسد على شئ من الأمراض إلاّ على هاتين العلتين لما فيهما من الأجر والمنفعة. فأنشأ الأعرابي يقول:
أيحسدني إبليس داءين أصبحا ... برأسي وإستى دملاً وزكاما
فليتهما كانا به وأزيده ... رخاوة زبّ لا يطيق قياما
وقال أبو نواس:
قد أضرت بي دمامي ... ل على الظّهر ملحّه
ليتها في عين من يح ... سبه مالاً وصحّه
سلم فزارة صاحب المظالم بالبصرة على يساره في الصلاة، فقيل له في ذلك فقال: كان على يميني إنسان لا أكلمه.
وقال فزارة يوماً في مجلسه: لو غسلت يدى مائة مرة ما تنظفت، أو أغسلها مرتين وفيه يقول ابن المعذّل:
ومن المظالم أن تكو ... ن على المظالم يا فزارة
تقديم رجل مع خصمه إلى قاض، فقال: أصلح الله القاضى، لي عند هذا الزاني ابن الزانية كذا وكذا. فقال القاضي لخصمه: ما تقول فيما سمعت من دعوى خصمك؟ فقال: لا أعرف شيئاً فيما يقول، وأنا منكر لما يدعيه. فقال للمدعى: هات بينه إن كان لك. فأتاه برجلين فجلسا بين يديه، فقال لهما: بم تشهدان؟ قالا: نشهد أن لهذا الرجل على هذا الزاني ابن الزانيه كذا وكذا لدعوى خصمه.
فقال لهما:قد قبلتكما. قم يازاني ابن الزانية،فأد ما شهدا به. فقال المشهود عليه: