وقال أبو خراش في الذي ألقى على أبيه رداءه
ولم أدر من ألقى عليه رداءه ... ولكنه قد سلّ عن ماجد محض
ولأعرابي في يحيى بن خالد:
سألت النّدى هل انت حمٌّ فقال لا ... ولكنني عبدٌ ليحيي بن خالد
فقلت شراءً قال لا بل وراثةً ... توارثها عن والدٍ بعد والد
وقال آخر:
إنّ للنّاس غايةً في المعالي ... وقفوا عندها وأنت تزيد
قد تناهيت في الكلام والمج ... د وحزت العلى فأين تريد
ولحبيب ويروي لإسحاق الموصلى:
إن يكن شئٌ جميلٌ حسنٌ ... فهو في دور عبد الملك
عقدت ألسنتهم عن قول لا ... فهي لا تحسن إلاّ هو لك
ومن عيون ما قيل في المدح نظماً، قول حسان بن ثابت في بني جفنة:
يغشون حتّى ما تهرّ كلابهم ... لا يسألون عن السّواد المقبل
بيض الوجوه أغفةٌ أحسابهم ... شمّ الأنوف من الطراز الأول
قال جبلة بن الأيهم لحسان بن ثابت: أين أنا من النعمان؟ فقال: والله لشمالك أندى من يمينه، وقفاك أحسن من وجهه، ولأمك أكرم من أبيه.
وقول الأعرابي في عمر بن عبد العزيز كأنه مأخوذ من قول حسان هذا، وذلك قوله حين دخل عليه، وهو خليفة، فقال:
وأنت الذي كلتا يديك مفيدةٌ ... شمالك خيرٌ من يمين سواكبا
بلغت مدى الجارين قبلك إذ جروا ... ولم يبلغ الجارون بعد مداكما
فجدّاك لا جدّين أكرم منهما ... هناك تناهى المجد ثم هناكا
وقال لقيط بن زرارة:
وإني من القوم الذين عرفتهم ... إذا مات منهم سيّدٌ قام صاحبه
نجوم سماء كلّما غار كوكبٌ ... بدا كوكبٌ تأوى إليه كواكبه
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجى اللّيل حتّى نظّم الجزع ثاقبه
وقال ظفيل الغنوىّ:
نجوم ظلام كلّما غاب كوكب ... بدا ساطعاً في حندس اللّيل كوكب
وقال آخر:
درارى نجومٍ كلّما انقضّ كوكبٌ ... بدا كوكبٌ ترفضّ عنه الكواكب
وقال المريمي يمدح بنى خريم من آل شيبان بن حارثة:
بقيّة أقوامٍ من العزّ لو خبت ... لظلّت معدٌّ في العلا تتسكّع
إذا قمرٌ منها تغوّر أو كبا ... بدا قمرٌ في جانب الأفق يلمع
ومدح بعض بنى عمرو إخوته فقال:
خبّر ثناء بنى عمرٍو فإنّهم ... أولو فضول وأنفالٍ وأخطار
إن يسألوا الخير يعطوه وإن جهدوا ... فالجهد يخرج منهم طيب أخبار
هينون لينون أيسارٌ بنو يسرٍ ... سوّاس مكرمة أبناءٌ إيسار
من تاق منهم فقد لاقيت سيّدهم ... مثل النجوم التي يهدى بها السّارى
لا ينطقون عن العمياء إن نطقوا ... ولا يمارون إن ماروا بإكثار
وقد قيل:إن هذا الشعر لبعض بنى كلاب يمدح بعض بنى غنىّ،وكان أبو عبيدة ينكر هذا،ويقول:محال يمدح كلابي غنوياً قالت الخنساء:
أشمّ أبلج يأتمّ الهداة به ... كأنّه علمٌ في رأسه نار
وقال آخر:
إذا قيل أىّ فتًى تعلمون ... أهشّ إلى الطّعن بالذّابل
وأضرب للقرن في مفرقٍ ... وأطعم في الزّمن الماحل
أشارت إليك أكفّ الورى ... إشارة غرقى إلى ساحل
ومن أحسن ما قيل في المدح أيضاً في النظم،قول أبى الجهم العدوى في معاوية رضى اللهّ عنه:
تقلّبه لتخبر حالتيه ... فتخبر منهما كرماً ولينا
نميل على جوانبه كأنّا ... نميل إذا نميل على أبينا
وفى هذا الشأن قول زهير في هرم بن سنان:
إن تلق يوماً على علاته هرماً ... تلق السّماحة منه والنّدى خلقا
أغرّ أبيض فيّاض يفكّك عن ... أيدي العقاة وعن أعناقها الرّبعا
وقوله أيضاً:
أخو ثقة لا تذهب الخمر ماله ... ولكنّه قد يذهب المال نائله
تراه إذا ما جئته متهلّلاً ... كأنّك تعطيه الذي أنت سائله
وقوله أيضاً: