ويجب ألا نعتقد أن كل الظواهر أو ما يحدث داخل المجتمع تعد أساليب أو ظواهر اجتماعية، فكل إنسان يأكل وينامُ ويشرب ويفكر ويتأمل ... إلخ، ومن الواضح أن هذه ظواهر بيولوجية أو نفسية أو عقلية وليست اجتماعية، وهي حاجات يشبعها المجتمع بأساليب متفق عليها.
هذه الأساليب هي ما نطلق عليه الظواهر الاجتماعية. وقد حرص "دوركيم" على توضيح الخصائص الجوهرية التى تميز الظاهرة الاجتماعية. ويؤكد "دوركيم" أن فهم الظاهرة أو النظام الاجتماعي كالزواج أو الملكية أو الحكم.... إلخ، لا يمكن أن يتحقق بفصله عن المجتمع أو منفردًا. فالنظام الاجتماعي هو في واقع الأمر جزء من كل، هو ما تعارفنا على تسميته البناء الاجتماعي. ولهذا يجب فهم أي نظام في إطار الكل البنائي الذي يوجد فيه وفي أثناء أدائه لوظائفه داخل هذا الكل. وكي نفهم هذا المعنى يمكننا ضرب مثل من الحياة العضوية. فإذا ما رغب باحث في دراسة القلب -وهو عضو في الجسم الحرّ- يماثل النظام في المجتمع، فإنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بانتزاع القلب خارج الجسم لدراسته، وإنما عليه أن يدرسه داخل الجسم كجزء من كل يتفاعل مع غيره من الأعضاء ويؤدي وظيفة معينة. وعلى هذا فإن الشيء الذي يعطي الظاهرة قيمتها وأهميتها ومعناها في المجتمع بل ويجعل منها موضوعًا للدراسة العلمية، هو ارتباطها وتشابكها مع غيرها من الظواهر التي تؤلف نسقًا واحدًا متكاملًا نسميه -النظام الاجتماعي.
ونستنتج من هذا النظام الاجتماعي. أنه مجموعة نماذج من السلوك والعلاقات المتفق عليها والتي تخضع لمجموعة من القواعد والمعايير الجمعية، والتي تواجه حاجات الإنسان الأساسية. فالزواج والأسرة والملكية نظم اجتماعية يتضمن كل منها قواعد ومعايير معينة تحدد نوع السلوك والتصرفات التي يجب أن يتبعها الأشخاص الذين يدخلون أطرافًا في ذلك النظام. وغالبًا ما تنطبق هذه القواعد والمعايير على المجتمع كله بغض