الحاجات الإنسانية الضرورية. وهذه الأساليب هي ما نطلق عليها النظم الاجتماعية.
فالأساليب التي تنظم وتضبط لنا عملية الإنتاج والاستهلاك والتوزيع، والتي تشبع حاجة الإنسان إلى الماديات كالأكل والشرب والمسكن والتملك والحصول على أجر ... هي ما نطلق عليه: النظام الاقتصادي. والأساليب التي تنظم وتضبط لنا عملية ممارسة الجنس وإنجاب الأطفال وتربيتهم، والعلاقة بين الأصهار وخطوات الخطبة والزواج وتبين لنا ما هو محلل ومحرم ... إلخ. نطلق عليها نظام الأسرة ... إلخ.
وبقول آخر، فإن النظم الاجتماعية هي نماذج السلوك والتفكير المقننة والمتفق عليها، والتي تستهدف أساسًا إشباع الدوافع والحاجات الجسمية والنفسية للإنسان. ومن أمثلة الحاجات النفسية، الحاجة إلى الأمن وإلى تقدير الذات والتعبير عنها. ومن أمثلة الحاجات الجسمية، الحاجة إلى الطعام والنوم والجنس ... إلخ.
وإذا كانت الحاجات الإنسانية قليلة أو محدودة العدد، إلا أن وسائل إشباعها متعددة ومتغيرة ومختلفة من مجتمع لآخر، وتختلف داخل نفس المجتمع من فترة تاريخية لأخرى. فحاجة الإنسان إلى الطعام لا تتمثل في طريقة الحصول عليه، وإنما تمتد إلى نوعيته ووسائل طهوه ومواعيد تناوله ومع من وأساليب تناوله، إلى جانب مختلف الأساليب المعقدة لإنتاجه واستهلاكه وتوزيعه ... إلخ. ومن الواضح أنه مع وحدة الحاجة الإنسانية، فإن أساليب إشباعها تختلف بساطة وتعقيدًا من مجتمع لآخر. كذلك الحال بالنسبة للدافع الجنسي، وهو دافع واحد بسيط إلا أنه يستتبع لإرضائه ظهور عدة أساليب متعددة للسلوك تحتلف من مجتمع لآخر، كالاختيار والرضى والخطبة والزواج والتحريم والتحليل والطلاق والبقاء ... إلخ. هذه الأساليب المقننة للسلوك التي تخضع لقواعد هي محل اتفاق في المجتمع، وهي ما يطلق عليه النظم الاجتماعية.