سادسًا: سبق الإسلام كل المواثيق العالمية الحديثة إلى إعلان حقوق الإنسان على نحو لم تصل إليه أية مواثيق وضعية. فقد طفت المسألة على السطح بعد الحرب العالمية الثانية حيث صدرت وثيقة عالمية لإعلان حقوق الإنسان في 10/ 12/ 1948، كما عقدت الاتفاقية الأوروبية سنة 1950 في روما لحماية حقوق الإنسان، وعقدت الاتفاقيات الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/12/1966. وعقد أخيرًا المؤتمر الدولي الأول لحقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية والذي نظمه المعهد الدولي الأول للدراسات الجنائية عقد في إيطاليا سنة 1979، وذلك بعدَ أن فشلت المواثيق الوضعية في مواجهة المشكلات العالمية ومحاولة البحث فيما يمكن أن يقدمه الإسلام والعالم الإسلامي في هذا الموضوع35 وترتبط التنمية ارتباطا جوهريًّا بقضية حقوق الإنسان، طالما أن الهدف الأساسي من التنمية تحسين ظروف حياته الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية وتحريره من كل الضغوط البيئية والاجتماعية وإشعاره بالعدل والمساواة وإتاحة الفرص المتكافئة أمام الجميع وتأمينه ضد كل أنواع الاستغلال والاستبداد والتمييز العنصري وجعله يستمتع بالحريات الشخصية في حدود عدم الإضرار بالغير أو الاعتداء على حقوقه عامة ... إلخ. وإذا حاولنا معرفة حقوق الإنسان في الإسلام والتي تستمد من النصوص المقدسة التي هي في مرتبة أعلى من الدساتير والمواثيق الدولية الوضعية نجد أنها كثيرة وشاملة وعميقة وفي مقدمتها مبدأ الكرامة الإنسانية بغض النظر عن الجنس واللون واللغة والدين أو الانتماءات الاجتماعية: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم} [الإسراء: 70] . ذلك المبدأ الذي جاء به الإسلام قبل أكثر من 1350 عامًا من وروده بصور أقل عمقًا وتأصيلًا في الفكر السياسي العالمي. وهناك مبدأ وحدة الإنسانية يقول عليه السلام: "كلكم لآدم وآدم من تراب" ويقول تعالى في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} الآية. [النساء: 1] وحققت الشريعة الإسلامية مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِن