القرارات التي تصونها من أي عبث أو استغلال48.
وللدولة الحق في تشكيل التنظيمات القادرة إلى الإشراف على الأنشطة الاقتصادية بهدف حماية الحقوق، وهذه التنظيمات تخضع لظروف المجتمع. وواجب على الدولة إصدار القرارات والقوانين التي تستهدف تحقيق المصحلة العامة والحقوق العامة ومصالح الفئات المختلفة، بشرط أن تتصف هذه القوانين بصفة المصلحة المعتبرة، وألا تتضمن أي ظلم لأي عضو من أعضاء المجتمع. ومثال هذا قوانين العمل من حيث تحديد ساعات العمل، وتحديد الحد الأدنى من الأجور، وإيجاب الأجر عن أيام الإجازات، وإيجاب الضمان الاجتماعي، وإيجاب التعويض عن التسريح التعسفي49.. وتستمد هذه القوانين وأمثالها، شرعيتها الإسلامية من أن الإسلام يستهدف حماية مصالح الجماعة والقضاء على الظلم، ولما كان العمال هم الفئة الأكثر جهدا وإنتاجا فهم الأجدر بالحماية والرعاية ومنع تعرضهم للظلم والتعسف والاستغلال. ومن واجب الدولة أن تمكنهم من الحياة الكريمة، سواء من خلال إقامة مشروعات للعلاج والتعليم المجاني أو من خلال غيرها من المشروعات إلى جانب تأمين حق المستحقين منهم للزكاة في أموال الأغنياء. والدولة الإسلامية، من خلال تأمين فرص الحياة الكريمة لأبناء الفئات الفقيرة والمحتاجة والمجاهدة، فإنها تحميهم في مواجهة الدعوات المشبوهة والمذاهب الهدامة -شرقية وغربية- والتي تحاول استقطاب هذه الفئات واستغلالها وتخسيرها لتحقيق مآرب سياسية بعيدة عن مصالحها الحقيقة. والواقع أن الإسلام يتضمن مجموعة من النظم المالية المتكاملة التي تكفل العيش الكريم لكل فئات المجتمع وكل أبنائه، ويكفي أن الإسلام أوجب مبدأ مشاركة المحتاجين بشكل دوري متجدد في أموال الأغنياء بنسبة محددة تتجدد كل عام، وجعل هذه المشاركة ركنا لا يتم الإسلام إلا به، وهذه النسبة قادرة على إغراق كل محتاج وفقير بالمال الذي يكفل له حياة كريمة، هذا إلى جانب أن الإسلام يحارب الشح والترف والظلم والاستغلال في كل أشكاله.