للشخص، يراه امتدادًا في بقائه واستمرارًا لذكراه وخلودًا لحياته. والسبيل إلى ذلك هو نظام الزواج. يقول تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [النحل: 72] . وتشير هذه الآية الكريمة أن حاجتنا إلى الأزواج وثمرة الأزواج وتنظيم الزواج ليست أقلّ من حاجتنا إلى حفظ حياتنا والتمتع بلذائذ الحياة وطيبات الرزق التي تحفظ كياننا وتقينا التعرض للضعف والانحلال.

والزواج هو السبيل لتكوين الأسرة التي تحقق للإنسان إشباع فطرته وإشباع حاجاته البيولوجية والنفسية حيث يجد كل من الزوجين الشريك الذي يحقق له السكن والرحمة والمودة والراحة. يقول تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21] . هذه الإشباعات المتعددة التي يحققها الزواج المشروع حب البقاء والمودة والسكن والرحمة، هو ما يَطلق عليها القرآن الكريم قرة العين التي أطلق الله لسان عباده المقربين بدعائهم إياه بها {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74] . ومحبة الولد حاجة ماسة عن كل إنسان سوي، كما يتضح في دعاء زكريا عليه السلام بعد أن بلغ من العمر الشيخوخة قال: {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً، وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً} [مريم: 4-6] .

وإلي جانب تنظيم الفطرة وإشباع الإنسان إلى البقاء من خلال النسل، فإن نظام الزواج يهيئ للإنسان جوَّ الشعور بالمسئولية ويكون للإنسان تدريبًا عمليًّا على تحمل المسئولية والقيام بأعبائها. فالإنسان -ذلك الكائن السامي الذي استحق تكريم الله سبحانه- لم يُخلق للاستمتاع بالأكل والشرب واللذات الحسية فحسب ثم يموت كم تموت الأنعام، وإنما خلق ليعبد الله وليفكر ويقدر ويعمر الكون ويدبر ويدير المصالح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015