وكذلك قال أبو تمام:

عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب

فإن الداء أَكثر ما تراه ... يكون من الطعام أو الشراب

وكن كما قال هلال بن العلاء الرقى:

إني أحيي عدوي عند رؤيته ... لأَدفع الشر عنى بالتحيات

وأظهر البشر للإنسان أبغضه ... كأن قد ملا قلبي محبات

ولست أسلم ممن لست أعرفه ... فكيف أسلم من أهل المودات

الناس داء دواء الناس تركهم ... وفي الجفاء لهم قطع الأَخوات

فسالم الناس تسلم من غوائلهم ... وكن حريصاً على كسب التقيات

وخالق الناس واصبر ما بليت بهم ... أصم أبكم أعمى ذا تقيات

وكن أيضا كما قال بعض الحكماء: ((الق صديقك وعدوك بوجه الرضا من غير مذلة لهما، ولا هيبة منهما. وتوقر من غير كبر. وتواضع من غير مذلة. وكن في جميع أمورك في أوسطها، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم))، كما قيل:

عليك بأَوساط الأَمور فإنها ... طريق إلى نهج الصراط قويم

ولا تك فيها مفرطًا أو مفرطًا ... فإن كلا طرفي الأمور ذميم

واعلم أن العاقل هو الفطن المتغافل، كذا قال الإمام الشافعي (رحمه الله)، ولله در من قال:

ليس الغبي بسيد في قومه ... لكن سيد قومه المتغابي

ولقد صدق الأصمعي (رحمه الله) حين قال:

وما شيء أحب إلى لئيم ... إذا شتم الكريم من الجواب

متاركة اللئيم بلا جواب ... أشد على اللئيم من السباب

وكان الإمام سليمان بن مهران الأعمش (رحمه الله) يقول:

((جواب الأحمق السكوت. والتغافل يطفئء شرًّا كثيرًا. ورضا المتجني غاية لا تدرك. والاستعطاف عون للظفر. ومَن غضب على من لا يقدر عليه طال حزنه)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015