في (حفظ) كل اسم من أسمائه الحسنى - بهذا المعنى - مراتب ومنازل. وبذلك يمتلئ القلب حبّاً لجمال أنواره وجلال إفضاله تعالى، فيزداد شوقاً إلى السير في طريق المعرفة الربانية، التي كلما ذاق منها العبد جديداً ازداد أنساً وشوقاً، فلا تكون العبادة -بالنسبة إليه حينئذ- إلا أنساً، وراحة، ولذة في طريق الله، إذ تنشط الجوارح للتقرب إليه تعالى بالأوقات والصلوات، والصيام والصدقات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكرات، والدخول في سائر أعمال البر الصالحات. ولك في أسماء الله الحسنى -من كل ذلك- مسالك تقربك إلى الله سبحانه وتوصلك إليه.

هذا هو الفهم الأليق بحديث الأسماء الحسنى، وهو ما ذهب إليه أغلب شراح الحديث عند تعرضهم لذلك؛ ومن هنا قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: (وقال الأصيلي: ليس المراد بالإحصاء عدها فقط؛ لأنه قد يعدها الفاجر، وإنما المراد العمل بها، وقال أبو نعيم الأصبهاني: الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التعداد، وإنما هو العمل، والتعقل بمعاني الأسماء والإيمان بها) (?).

وقال أيضاً: (وهو أن يعلم معنى كلٍّ في الصيغة، ويستدل عليه بأثره الساري في الوجود، فلا تمر على موجود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015