ومن المحدثين اللامعين في هذا العصر أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، كانت له رحلة إلى المشرق من أجل طلب الحديث، فلما رجع عنىِ بالآثار والسنن وجمع الحديث ونشره وروايته، ولم يزل كذلك بين أهل قرطبة حتى توفاه الله إليه سنة 350 هـ. (?)
وممن يذكر من محدثي المغرب في هذه الفترة: أبو عمر، أحمد بن محمد الطلمنكي (340 - 429 هـ) له رحلة إلى المشرق استفاد منها في علوم القرآن والحديث حتى صار إمامًا فيهما، وكان سيفاً مجرداً على أهل الأهواء والبدع، قامعاً لهم غيوراً على الشريعة شديدًا في ذات الله -عَزَّ وَجَلَّ-. (?)
أما يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث (447 - 532 هـ) فقد علا كعبه في علمي الحديث والفقه، وكان -مع سابقه- أحد أئمة هذا الشأن، وإليه يرجع الفضل في تكوين جيل من المحدثين في هذه الحقبة؛ أمثال ابن حزم الظاهري، وأبي الوليد الباجي، وأبي عبد الله بن عتاب. (?)
ويشهد المغرب في القرن الخامس الهجري ازدهاراً ملحوظاً في علم الحديث على يد أبي عمر يوسف ابن عبد البر (368 - 463 هـ) صاحب التآليف العديدة والتصانيف الهامة مثل: "التمهيد" و"الإستذكار" و"الإستيعاب". قال أبو الوليد الباجي عنه: (لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث، وهو أحفظ أهل المغرب). (?)