مدخل تمهيدي لعلم الحديث بالغرب:

كان دخول الحديث النبوي إلى بلاد المغرب والأندلس مع الفاتحين الأولى شأنه شأن القرآن الكريم، وكانت العناية به واضحة من أول يوم عرف المغاربة شريعة الإسلام، ذلك أنه أحد هذين الأصلين الذين بني عليها هذا الدين، ولكن لم يكن الأمر متسعاً بين سائر العلماء بالمغرب، ولهذا نلمس طائفة من المحدثين الذين يظهرون من حين لآخر؛ وهذه بعض من هذه النماذج:

- معاوية بن صالح بن حُدير الحضرمي (ت 168 هـ) راوية أهل الشام، دخل الأندلس سنة ثلاث وعشرين ومائة، قال عنه النباهي: كان من جلة أهل العلم، ورواة الحديث. تولى التحديث بالأندلس، وقصده الناس للرواية عنه من كل صوب. (?)

- داود بن جعفر بن أبي صغير، من أهل قرطبة، سمع من مالك بن أنس وسفيان الثوري، ومعاوية بن صالح، قال ابن وضاح: ورويت أنا عنه، وروى هو عني. ذكر أنه أملى على أحد تلامذته ثلاثة آلاف حديث. (?)

وظهور هذه العينات من المحدثين لم يكن يسمح بأن تكون صبغة الحديث صبغة عامة بالبلاد في هذه الفترة، ولكنها كانت بذوراً صالحة لأشجار باسقة فيما يعقبها من الزمن، وقد بدأ هذا التحول نحو هذه الغاية بعد العودة الثانية لمحمد بن وضاح بن بزيغ القرطبي (202 - 277 هـ) من رحلته المشرقية، حيث تم له الأخذ عن كبار المحدثين في عصره أمثال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني. لذا يمكن أن يقال إن ابن وضاح هو أول من أدخل علم الحديث إلى بلاد الأندلس. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015